البجع: طائر ملكي يحلق في سماء الطبيعة بجماله الفريد
هل تساءلت يوما عن سر ذلك الطائر المائي الضخم الذي يحمل تحت منقاره شبكة صيد طبيعية فريدة من نوعها، وكيف ينسق أفراده أحيانا عمليات صيد جماعية مذهلة بدقة متناهية؟ إنه البجع، ذلك العملاق ذو الكيس الجلدي العجيب، الذي يجمع بين الرشاقة في الطيران والمهارة الفائقة في اقتناص الأسماك. لكن، هل تعلم أن كيس البجع لا يُستخدم لتخزين الطعام لفترات طويلة بل كشبكة مؤقتة، وأن بعض أنواعه يمكن أن تسافر آلاف الكيلومترات في هجرات موسمية مذهلة؟ انطلق معنا في رحلة استكشافية إلى عالم البجع الساحر؛ لنتعرف على تكيفاته الفريدة، وأنماط حياته الاجتماعية، وأساليبه المبتكرة في الصيد، والتحديات التي تواجه بقاء هذا الطائر الأنيق والمميز.
![]() |
البجع: اكتشف سلوكه الفريد، أنواعه المدهشة، وأهميته في الطبيعة |
التصنيف العلمي للبجع
التصنيف | الاسم العلمي | الاسم العربي | الاسم الإنجليزي |
---|---|---|---|
المملكة | Animalia | الحيوانات | Animals |
الشعبة | Chordata | الحبليات | Chordates |
الصنف | Aves | الطيور | Birds |
الرتبة | Pelecaniformes | البجعيّات | Pelecaniformes |
الفصيلة | Pelecanidae | فصيلة البجع | Pelicans |
الجنس | Pelecanus | بجع | Pelican |
مقدمة تعريفية عن البجع
البجع هو جنس من الطيور المائية الكبيرة التي تشتهر عالميا بوجود كيس جلدي كبير ومتمدد أسفل منقارها الطويل والضخم. يعتبر هذا الكيس السمة الأكثر تميزا للبجع، ويستخدمه كشبكة لغرف الأسماك والمياه من المسطحات المائية، ثم يقوم بتفريغ المياه قبل ابتلاع الأسماك. يمتلك البجع جسما ضخما، وأجنحة طويلة وواسعة تمكنه من الطيران لمسافات طويلة والتحليق برشاقة، وأرجلا قصيرة وقوية ذات أغشية كاملة بين الأصابع الأربعة تساعده على السباحة بمهارة.
يوجد البجع في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية، ويستوطن مجموعة متنوعة من الموائل المائية، بما في ذلك البحيرات، والأنهار، والمستنقعات، ومصبات الأنهار، والسواحل البحرية. هو طائر لاحم يتغذى بشكل أساسي على الأسماك، ولكنه قد يأكل أيضا بعض القشريات والبرمائيات الصغيرة. يتميز العديد من أنواع البجع بسلوكها الاجتماعي، حيث تعيش وتتكاثر في مستعمرات كبيرة، وغالبا ما تقوم بالصيد بشكل جماعي ومنسق.
على الرغم من حجمه الكبير وقوته، يواجه البجع العديد من التهديدات التي تؤثر على مجموعاته السكانية، بما في ذلك فقدان وتدهور الموائل، والتلوث، والاضطراب البشري في مناطق التعشيش والتغذية، والتشابك في أدوات الصيد. بعض أنواع البجع مصنفة حاليا على أنها قريبة من التهديد أو حتى مهددة بالانقراض، مما يستدعي جهودا دولية ومحلية للحفاظ عليها وعلى النظم البيئية المائية التي تعتمد عليها.
معنى اسم البجع
اسم (بَجَع) في اللغة العربية هو التسمية المعروفة لهذه الطيور المائية الكبيرة والمميزة بكيسها الجلدي أسفل المنقار. يُعتقد أن أصل الكلمة قد يرتبط ببعض الصفات الشكلية أو السلوكية لهذا الطائر. الجذر (ب ج ع) قد يحمل معاني تتعلق بالاتساع أو الامتلاء، وهو ما قد يشير إلى الكيس الجلدي الكبير والمتسع الذي يستخدمه البجع في صيد الأسماك. كما أن صوت البجع، على الرغم من أنه ليس مغردا، قد يكون له دور في أصل التسمية في بعض السياقات اللغوية القديمة.
التاريخ التطوري وأسلاف البجع
ينتمي البجع إلى عائلة البجعيات (Pelecanidae)، وهي العائلة الوحيدة المتبقية ضمن رتبة البجعيات (Pelecaniformes) بالمعنى الضيق والحديث. تشير الدراسات الجزيئية الحديثة إلى أن أقرب أقارب البجع الأحياء هم طائر أبو مركوب والمطرقة. ظهرت أسلاف البجع الأولى في السجل الأحفوري خلال العصر الأوليجوسيني، منذ حوالي 30 مليون سنة، وتم العثور على أحافير لأنواع منقرضة من البجع في جميع القارات تقريبا.
تطور البجع ليصبح طائرا مائيا متخصصا في صيد الأسماك، مع تطور سمات فريدة مثل المنقار الطويل جدا والكيس الجلدي القابل للتمدد، والأقدام ذات الأغشية الكاملة التي تساعده على السباحة. يُعتقد أن الكيس الجلدي تطور كأداة فعالة لغرف المياه والأسماك، مما منح البجع ميزة تنافسية في بيئاته المائية. التنوع الحالي لأنواع البجع الثمانية يعكس تكيفات مختلفة مع بيئات مائية متنوعة حول العالم، من المياه العذبة الداخلية إلى السواحل البحرية.
ما هي صفات طائر البجع؟
يتميز البجع بشكله الخارجي الجذاب والفريد من نوعه مما يجعل منه أحد أكثر الطيور تميزا في الطبيعة، إليك وصفا تفصيليا عن شكله الخارجي:
- الرأس: يعتبر رأس البجع كبيرا ومستديرا مقارنة بحجم جسمه، ويتكون من عدة أعضاء أخرى كالعينين والمنقار والحوصلة إضافة لاتصاله بالرقبة.
- العينين: تعتبر كبيرتان نسبيا مما يساعده على الرؤية بوضوح أثناء الطيران وتحت الماء، ويختلف لونها من نوع لآخر فمنها الأسود والبني والرمادي والأزرق الفاتح، ومحاطة بجفون رقيقة تحميها من الماء والغبار.
- المنقار: يعتبر من أبرز ما يتميز به البجع عموما وهو طويل وعريض وضخم حيث يتراوح طوله بين 25 و 45 سم حسب النوع. منحني اتجاه الأسفل قليلا مما يسهل عليه عملية التقاط الأسماك، ويختلف لونه حسب النوع من البرتقالي والأصفر والوردي والرمادي.
- الكيس الجلدي (الكيس الحنجري): كبير ومرن ويوجد أسفل المنقار ويعرف باسم (جراب البجع)، يساعده في اصطياد الأسماك وتخزين الماء مؤقتا قبل ابتلاعه، ويتمدد ليحمل 13 لترا من الماء لكن لا يستخدمه كحقيبة لتخزين الطعام لفترات كثيرة، ويميل لونه للأصفر أو البرتقالي أو الوردي.
- الأذنان: أذنا البجع غير مرئيتين بوضوح لأنها مغطاة بالريش وتوجدان خلف العينين، ويمتلك سمعا حادا يساعده في التعرف على أصوات أفراد مجموعته أو سماع أي خطر يقترب منه.
- الرقبة: تتصل الرقبة برأس البجع وهي طويلة ومرنة تمنحه القدرة على الحركة بحرية وتساعده على التقاط الطعام بسهولة، وتتكون من 23 إلى 25 فقرة عنقية مما يعطيه القدرة على الالتفاف بسهولة ويستطيع أن يثني رقبته على شكل حرف S أثناء الطيران أو أثناء راحته.
- الأجنحة: كبيرة للغاية وقوية تمنحه القدرة على الطيران لمسافات طويلة دون الحاجة لخفقها كثيرا، ويتراوح طول الجناح الواحد حوالي 1.5 متر ويعتبر واحدا من أكبر الأجنحة بين الطيور المائية.
- الريش: يعتبر الريش أمرا ضروريا بالنسبة للبجع حيث يحميه من الماء باعتباره مقاوما للماء بفضل زيوت طبيعية يفرزها من غدة خاصة قرب قاعدة ذيله، ومعظم البجع تمتلك ريشا أبيضا ناصعا إلا بعض الأنواع التي تمتلك ريشا بنيا أو رماديا أو خليطا من الأبيض والأسود أو ورديا فاتحا.
- الأرجل: يمتلك أرجلا قصيرة وقوية للغاية تساعده على السباحة والمشي والإقلاع للطيران، وتتصل بجسمه في الموقع الخلفي تقريبا مما يجعله أكثر كفاءة أثناء السباحة لكن في نفس الوقت يصبح المشي الخاص به على اليابسة بطيئا نوعا ما.
- الأقدام: يمتلك أقدام كبيرة ومسطحة تساعده على توزيع وزنه أثناء المشي على الطين أو الرمال، ويمتلك أربعة أصابع متصلة بغشاء جلدي مما يجعله من أسرع الطيور المائية في السباحة.
- الذيل: يعتبر قصير للغاية مقارنة بحجم جسمه ويتميز بشكله المستدير أو شبه المسطح، ويتكون تقريبا من 24 ريشة قوية ويلعب دورا مهما في مساعدته على التوازن أثناء الطيران والسباحة.
لون البجع
يتميز البجع بألوانه الجذابة، حيث يغلب اللون الأبيض النقي على معظم أنواعه، مع وجود بقع سوداء أو رمادية على الأجنحة. بعض الأنواع، مثل البجع البني، تتميز بلونها الداكن الذي يساعدها على التمويه في بيئتها الطبيعية. هذه الألوان ليست فقط للجمال، بل تلعب دورا في التواصل بين الطيور وجذب الشركاء.
حجم البجع
يعتبر البجع من أكبر الطيور المائية، حيث يتراوح طول جسمه بين 1.5 إلى 1.8 متر، ويصل طول جناحيه إلى 3 أمتار عند فردهما. هذا الحجم الكبير يساعده في الطيران لمسافات طويلة ويجعله سيد البحيرات والأنهار. بالإضافة إلى ذلك، يمنحه حجمه ميزة تنافسية في الحصول على الغذاء وتجنب المفترسات.
وزن البجع
على الرغم من حجمه الكبير، يتميز البجع بوزن خفيف نسبيا، حيث يتراوح وزنه بين 4 إلى 12 كيلوجرام، وذلك بفضل عظامه المجوفة التي تساعده في الطيران. هذا الوزن المثالي يسمح له بالتحليق بسهولة والسباحة بخفة في المياه، مما يجعله طائرا فريدا يجمع بين القوة والرشاقة.
الموطن والموئل الخاصة بالبجع
ينتشر البجع في جميع أنحاء العالم تقريبًا، باستثناء القارة القطبية الجنوبية والمناطق القطبية الشمالية المتجمدة وبعض الجزر المحيطية النائية. يتطلب هذا الطائر المائي الكبير مسطحات مائية واسعة وغنية بالأسماك، ومواقع مناسبة للتعشيش.
- أفريقيا: يوجد البجع الأبيض الكبير والبجع الوردي الظهر في أجزاء واسعة من أفريقيا جنوب الصحراء وشمالها.
- أوروبا: يوجد البجع الأبيض الكبير والبجع الدلماسي في جنوب شرق أوروبا وشرقها.
- آسيا: يوجد البجع الأبيض الكبير، والبجع الدلماسي، والبجع ذو المنقار المرقط، والبجع الأسترالي في أجزاء مختلفة من آسيا.
- أمريكا الشمالية: يوجد البجع الأمريكي الأبيض والبجع البني.
- أمريكا الجنوبية: يوجد البجع البني على طول السواحل، والبجع البيروفي.
- أستراليا ونيوزيلندا: يوجد البجع الأسترالي.
يفضل البجع الموائل المائية الكبيرة والضحلة نسبيا التي توفر له ما يكفي من الأسماك للغذاء، ومواقع آمنة للراحة والتعشيش غالبا ما تكون جزرا معزولة أو مناطق نائية في المستنقعات أو على ضفاف البحيرات.
- البحيرات العذبة والمالحة الكبيرة والضحلة.
- الأنهار الواسعة والبطيئة الجريان.
- المستنقعات والأراضي الرطبة الداخلية والساحلية.
- مصبات الأنهار واللاجونات الساحلية.
- السواحل البحرية المحمية والخلجان.
- الجزر الرملية أو الصخرية أو النباتية المنخفضة.
كيف يتأقلم البجع مع بيئته؟
يمتلك البجع مجموعة رائعة من التكيفات للعيش في بيئاته المائية؛ فكيسه الجلدي الفريد يمكنه من صيد كميات كبيرة من الأسماك بكفاءة. أقدامه ذات الأغشية الكاملة تجعله سباحا ماهرا. أجنحته الطويلة والواسعة تمكنه من الطيران لمسافات طويلة بين مناطق التغذية والتعشيش، والتحليق بكفاءة لتوفير الطاقة. ريشه الكثيف والمقاوم للماء يحميه من البرد والرطوبة.
النظام الغذائي للبجع
يشتهر البجع باعتباره آكلا للسمك من الدرجة الأولى لكنه في المقابل يتغذى على كائنات مائية أخرى، ويعتمد في توفيره للغذاء على الصيد في البيئة الخاصة به باستخدام منقاره الكبير الذي يساعده على التقاط الفريسة وتخزينها مؤقتا في الحوصلة قبل أن يتغذى عليها، وإليك قائمة بأبرز الأغذية التي يتغذى عليها البجع:
- الأسماك: وهو الغذاء الرئيسي والأساسي حيث يشكل نسبة تتراوح بين 80 و 90 ٪ من نظامه الغذائي، ويتغذى على مختلف أنواع الأسماك الصغيرة والمتوسطة المتوفرة في البيئة المتواجد فيها كالسردين والسمك الأبيض والأنشوجة وسمك الشبوط وغيرها.
- الكائنات البحرية الأخرى: في حالة عدم توفر الأسماك فإنه يتغذى على الضفادع والبرمائيات وسرطان البحر والرخويات والحشرات المائية.
- الطيور الصغيرة والصيصان: نادرا ما يقوم البجع بأكل صغار الطيور مثل فراخ النورس أو البط ولكن يمكن أن يحدث أثناء فترة نقص الغذاء فيضطر البجع وتحديدا البجع الأبيض الكبير للقيام بهذا السلوك النادر.
- النباتات والمخلفات: البجع ليس كائنا نباتيا لكنه قد يبتلع بعض النباتات المائية عن طريق الخطأ أثناء الصيد، وقد يأكل بقايا الأكل في المناطق البشرية.
كيف يصطاد البجع؟
يصطاد البجع فريسته عبر عدة طرق مختلفة:
- الصيد الجماعي: مثل البجع الأبيض الكبير الذي يصطاد في مجموعات بحيث يسبحون معا في شكل نصف دائرة ويقومون باستخدام أجنحتهم لدفع الأسماك نحو المياه الضحلة مما يسهل اصطيادها.
- الصيد الفردي: مثل البجع البني الذي يعتمد على أسلوب الغوص من الهواء لالتقاط الأسماك، حيث يطير فوق سطح الماء على ارتفاع 20 مترا تقريبا ثم يغوص بسرعة ويقوم بفتح منقاره لالتقاط فريسته.
- استخدام الحوصلة: عند الامساك بالفريسة يقوم بتخزينها مؤقتا في الحوصلة، ثم يرفع رأسه بعد ذلك للقيام بعملية تصفية الماء الموجود قبل أن يقوم بابتلاع الفريسة كاملة.
- سرقة الطعام: يسرق البجع الطعام في بعض الأحيان من الطيور الأخرى، وقد يتبعون قوارب الصيد لسرقة الأسماك منها.
كم يعيش البجع بدون أكل؟:
تعتمد مدة بقاء البجع بدون أكل على عدة عوامل منها النوع والعمر والحالة الصحية ودرجة الحرارة، ولكن بشكل عام يمكن للبجع البقاء بدون أكل لأيام بشرط توفر الماء، فمثلا البجع البالغ يستطيع البقاء من 5 إلى 10 أيام بدون أكل بشرط أن تكون حالته الصحية جيدة وأن يتوفر على مخزون من الدهون، أما بالنسبة للبجع الصغير أو الضعيف قد لا يتحمل أكثر من 3 إلى 5 أيام بدون أكل.
كمية الطعام التي يحتاجها البجع؟:
يحتاج البجع البالغ بشكل عام من 1 إلى 2 كجم من الطعام يوميا، وفي فترة التكاثر يحتاج لكمية أكثر لإطعام الصغار أيضا.
دور البجع في السلاسل الغذائية
يلعب البجع دورا هاما كمفترس علوي أو متوسط المستوى في النظم البيئية المائية التي يعيش فيها. فهو يستهلك كميات كبيرة من الأسماك، مما يساعد في تنظيم أعدادها ويؤثر على تركيب المجتمعات السمكية. وفي المقابل، قد يشكل البجع فريسة لبعض الحيوانات المفترسة مثل الثعالب، والقيوط، والطيور الجارحة الكبيرة، والتماسيح. كما أن فضلاته يمكن أن تساهم في تخصيب المياه أو التربة في مناطق التعشيش.
السلوك والحياة الاجتماعية للبجع
البجع هو طائر اجتماعي للغاية لمعظم حياته. يعيش ويتغذى ويتكاثر ويهاجر غالبا في أسراب أو مجموعات قد يتراوح حجمها من بضع عشرات إلى عدة آلاف من الأفراد، حسب النوع والموقع. هذا السلوك الاجتماعي يوفر له العديد من المزايا، مثل زيادة كفاءة الصيد خاصة في الأنواع التي تصطاد بشكل تعاوني، وتوفير حماية أفضل من المفترسات، وتسهيل عملية العثور على الشريك.
تعتمد طرق البحث عن الطعام والصيد، كما ذكرنا، على نوع البجع. فالأنواع البيضاء غالبا ما تشكل خطوطا أو نصف دوائر وتدفع الأسماك نحو المياه الضحلة، بينما البجع البني يغوص من ارتفاع. يقضي البجع جزءًا كبيرا من وقته في الراحة والتشمس والعناية بريشه على ضفاف المياه أو على الجزر أو في مناطق آمنة أخرى. العناية بالريش ضرورية للحفاظ على مقاومته للماء وقدرته على العزل الحراري والطيران الجيد.
يقوم العديد من أنواع البجع بهجرات موسمية واسعة النطاق بين مناطق التكاثر ومناطق قضاء الشتاء. هذه الهجرات غالبا ما تكون مرتبطة بتغيرات درجة حرارة المياه، وتوفر الغذاء، والحاجة إلى الوصول إلى مناطق تعشيش مناسبة. يطير البجع في تشكيلات مميزة مثل حرف V أو خطوط مائلة لتقليل مقاومة الهواء وتوفير الطاقة، ويتناوب الأفراد على قيادة التشكيل. ومن عاداته اليومية الأخرى قضاء فترات طويلة في الطيران والتحليق، خاصة إذا كانت مناطق التغذية بعيدة عن مناطق الراحة أو التعشيش.
يعتمد البجع في التفاعل مع أفراد نوعه على التواصل البصري والجسدي والصوتي للتعبير عن مشاعره أو للتحذير من الأخطار أو لتنظيم سلوك المجموعة أو للتفاعل أثناء الزواج، إليك بعض الوسائل التي يعتمدها البجع للتواصل:
- التواصل الصوتي: بإمكان البجع أن يستخدم أصواتا متنوعة على الرغم من كونه ليس من الطيور الصاخبة مثل:
- الهدير والهمهمة: تستخدم للتواصل بين الأزواج أو الأفراد القريبين من المستعمرة دون حاجته لرفع الصوت.
- الهسهسة والنفخ: يستخدم هذه الأصوات عندما يشعر بالخطر فيقوم بتحذير الطيور الأخرى أو بتحذير الحيوانات المفترسة من الاقتراب.
- نقر المنقار: يقوم الذكر أثناء التزاوج بإصدار أصوات نقر خفيفة بمنقاره كجزء من طقوس الخطوبة، ويستخدمها أيضا للدفاع عن العش أو أثناء التفاعل مع الصغار.
- أصوات الصغار: تصدر الفراخ أصوات صفير أو نقيق لجذب انتباه الوالدين وطلب الطعام عندما تكون جائعة.
- التواصل الجسدي: يعتمد البجع بشكل كبير على لغة الجسد للتعبير عن مشاعره ولنقل رسائله للطرف الآخر ومن بين أبرز الحركات:
- هز الرأس بسرعة: يستخدم هذه الحركة عندما يكون متوترا أو أثناء التفاعل مع الأزواج.
- رفع المنقار للأعلى: تعبر عن الاستعداد للتزاوج أو عن الهيمنة داخل المجموعة.
- التلويح بالأجنحة: تستخدم هذه الحركة لتحذير الطيور الأخرى ولإخافة المنافسين، وتستخدم أثناء المغازلة لإظهار القوة والجاذبية.
- نفخ الحوصلة: بعض الأنواع كالبجع الدلماسي يقوم بنفخ حوصلته كإشارة منه على الهيمنة ويستخدمها أثناء التزاوج أيضا.
- الاصطفاف أثناء الصيد: أثناء عملية الصيد الجماعي يتحرك البجع في خط مستقيم أو نصف دائري لدفع الأسماك إلى منطقة ضحلة وبالتالي يسهل عليهم عملية الصيد.
- التواصل البصري: تغير لون الجلد حول المنقار والعينين لدى بعض الأنواع وذلك في فترة التزاوج وهي إشارة لجذب الشريك، إضافة للاتصال البصري داخل المجموعة حيث يستخدم نظرات حادة مباشرة كنوع من التحذير والتحدي، وقد يكون التواصل بالعين وسيلة لتنظيم الحركة أثناء الطيران أو أثناء الصيد الجماعي.
ظاهرة الهجرة لدى البجع
يعتبر البجع من الطيور المهاجرة بشكل أساسي حيث يقوم بالهجرة لماسافات طويلة للبحث عن ظروف بيئية توفر له الغذاء والأمان والتكاثر، وتختلف أنماط الهجرة حسب النوع فبعضها يكون مهاجرا بشكل كامل وبعضها الآخر يكون مقيما دائما في منطقة ما، وتبدأ عملية الهجرة غالبا في فصل الخريف إلى مناطق دافئة، ثم في فصل الربيع يعود البجع إلى مناطقه بعد انتهاء فصل الشتاء، ويقطع آلاف الكيلومترات وبالتالي يبذل مجهودا بدنيا كبيرا.
إضافة لمخاطر عديدة تتمثل في العواصف والرياح القوية ونقص في الغذاء وقد يواجه بعض المفترسات كالصقور أو الطيور الجارحة، ويعتبر البجع الأبيض الكبير والبجع الأبيض الأمريكي من أشهر أنواع البجع المعروفة بالهجرة، ومن العوامل الرئيسية لقيام البجع بالهجرة: التغيرات في درجات الحرارة إضافة للجفاف والمطر ومدى توفر الغذاء. عند هجرته يستخدم البجع تشكيلا في الطيران على شكل V تساعده في تقليل مقاومة الهواء وتحافظ على الطاقة أثناء قطع مسافات طويلة، وعادة ما يكون قائد السرب هو الطائر الأقوى بين المجموعة.
آلية الدفاع عند البجع
آليات الدفاع الرئيسية لدى البجع تشمل حجمه الكبير، ومنقاره الضخم والقوي الذي يمكن أن يوجه به نقرات مؤلمة، وتواجده في مجموعات كبيرة توفر حماية من المفترسات. إذا شعر بالتهديد، قد يقوم بنفخ كيسه الجلدي، وإصدار أصوات هدير أو هسهسة، وضرب بجناحيه. قد يتقيأ محتويات معدته على المعتدي كوسيلة للدفاع أيضا. الصغار والبيض يكونون أكثر عرضة للخطر، وتعتمد حمايتهم على وجود الآباء ودفاعهم عن العش.
التكاثر ودورة حياة البجع
يختلف موسم التكاثر لدى البجع على حسب نوعه وبيئته ولكن غالبا ما يحدث في فصل الربيع أو الصيف عندما تكون الظروف البيئية مواتية، ففي هذه الفترة تتبدل ألوان بعض الأنواع خاصة المناقير والجراب بهدف جذب الشريك. يقوم الذكر ببعض الحركات كنوع من المغازلة كاهتزاز الرأس والرفرفة بالجناحين والنقر بالمنقار لإثارة انتباه الأنثى.
عندما تختار الأنثى الشريك المناسب تحدث عملية التزاوج بينهما ويبقى الذكر مع الأنثى طوال فترة التكاثر وفي بعض الأنواع يبقى الذكر مع الأنثى مدى الحياة. ثم بعدها تأتي مرحلة بناء العش من الأغصان والأعشاب والريش والطين وتكون في مكان آمن ومرتفع لتجنب الفياضانات.
تضع الأنثى من 1 إلى 3 بيضات وأحيانا أكثر على حسب النوع، ويشارك الذكر الأنثى في عملية احتضان البيض بالتناوب حيث تستمر هذه المرحلة مدة تتراوح بين 25 إلى 40 يوم، وبعدما يحين موعد الفقس تقوم الصغار بكسر قشرة البيض من الداخل بمناقيرها وقد تستمر هذه العملية لعدة ساعات متواصلة، وتخرج الصغار عمياء لا ترى شيئا وعارية تقريبا بدون زغب وبالتالي يكون اعتمادها الكلي على الأبوين في التغذية والحماية.
يستخدم الأبوان طريقة القلس وهي استخراج الطعام المهضوم جزئيا من معدتهم ووضعه في مناقير الفراخ، وفي بعض الأنواع يدخل الصغير رأسه في جراب الأبوين للحصول على الطعام، ويستمر الوالدين في إطعام الصغار إلى أن تتقن الصيد بنفسها، وتنمو الصغار بسرعة فبعد أسابيع قليلة يبدأ الريش بالظهور، وبعد 10 إلى 12 أسبوعا يبدأ الصغار بالتدرب على الطيران.
بعد أن تتعلم الطيران بشكل كامل تبقى فترة قصيرة مع الأبوين قبل أن تسلك طريق الاستقلالية الذاتية وتنظم لمجموعات من الطيور الشابة بعد 4 أو 5 شهور تقريبا من الفقس، ويصل البجع عموما للنضج الذي يخول له التزاوج بين 3 إلى 5 سنوات حسب النوع والبيئة، وخلال هذه الفترة يتعلم مهارات وسلوكيات جديدة مثل التفاعل مع أفراد المستعمرة وتقنيات الصيد والتزاوج.
كم يعيش البجع؟
عادة ما يعيش البجع من 15 إلى 30 سنة في البرية، أما في الأسر فقد تصل الفترة إلى 40 سنة وأكثر حيث تتوفر له العناية والحماية.
ما هي أنواع البجع؟
يضم جنس Pelecanus ثمانية أنواع حية من البجع، تتميز بخصائصها الفريدة وتوزيعها الجغرافي. تتشابه هذه الأنواع في شكلها العام وسلوكها الأساسي، ولكنها تختلف في الحجم واللون وبعض تفاصيل التكاثر والصيد. فيما يلي أشهر هذه الأنواع:
- البجع الأبيض العظيم: ينتشر في أوروبا وأفريقيا وآسيا ويتميز بريش أبيض نقي وأجنحة ذات أطراف سوداء ومنقار ضخم أصفر أو وردي، ويتغذى بشكل أساسي على الأسماك ويعيش غالبا في مستعمرات كبيرة قرب المياه العذبة.
- البجع الدلماسي: يتواجد في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والهند، ويعد أكبر أنواع البجع حيث يصل طول جناحيه إلى 3.5 متر.
- البجع البني: يعيش في سواحل أمريكا الجنوبية والشمالية ويعتبر أصغر أنواع البجع.
- البجع البيروفي: ينتشر في سواحل بيرو وتشيلي ويتغذى على الأسماك وعادة ما يعيش ضمن مجموعات.
- البجع الأسترالي: يتواجد في أستراليا وغينيا الجديدة وبعض الجزر في المحيط الهادئ، حيث يتميز بريشه الأبيض الناصع وأجنحة سوداء ومنقار طويل وردي اللون يعتبر أطول منقار في عالم الطيور.
- البجع الأمريكي الأبيض: ينتشر في أمريكا الشمالية خاصة في كندا والمكسيك ويمتلك ريشا أبيض اللون مع أطراف أجنحة سوداء ومنقار أصفر يتحول إلى البرتقالي في فترة التزاوج.
- بجع رمادي الظهر: يتواجد في أفريقيا حول البحيرات والأنهار، ويتميز بريش رمادي فاتح ورأس وردي ومنقار أصفر، ويعتمد هو الآخر على الأسماك كغذاء رئيسي حيث يعيش في المياه العذبة.
- البجع الفلبيني: ينتشر في جنوب آسيا خاصة في الفلبين والهند وسريلانكا وإندونيسيا، ويعيش في الأراضي الرطبة مثل الأنهار والبحيرات، ويتميز بلونه الرمادي مع بقع بنية على الأجنحة.
التهديدات والمخاطر التي تواجه البجع
رغم تواجد البجع في الكثير من المناطق حول العالم وانتشاره بشكل كبير إلا أنه يواجه العديد من التحديات والمخاطر التي تهدد استمراره وتواجده في بعض المناطق، وهذه بعض التهديدات التي يعاني منها البجع:
- فقدان الموائل الطبيعية: وتأتي من تدمير الأراضي الرطبة حيث يساهم هذا الفعل في تجفيف البحيرات والمستنقعات لأغراض زراعية إضافة للزحف العمراني البشري مما يؤدي لفقدان أماكن التغذية والتعشيش.
- التلوث البيئي: تلوث المياه بالمواد الكيميائية والمخلفات الصناعية تهدد صحة الأسماك التي يعتمد عليها البجع بشكل رئيسي، إضافة للتلوث بالبلاستيك والتي قد يبتلعها البجع مما يسبب انسداد جهازه الهضمي ويؤدي إلى نفوقه.
- التشابك في معدات الصيد: في بعض الأحيان قد يقع البجع ضحية للخيوط والشباك التي يخلفها الصيادين وراءهم مما يسبب إصابته أو غرقه.
- التغير المناخي: وتأتي من ارتفاع درجة الحرارة التي تؤثر على توفر المياه العذبة والأسماك، إضافة للعواصف والفيضانات التي تدمر الأعشاش وتؤدي لفقدان البيض والصغار على حد سواء.
- الصيد غير القانوني: حيث يتم صيد البجع من أجل لحمه وبيضه وريشه.
- اضطهاد الصيادين: قد ينظر بعض الصيادين للبجع كمنافس لهم مما يؤدي إلى التسبب في موته في الكثير من الأحيان.
- الأمراض والأوبئة: خاصة الأوبئة و الأمراض التي تنقلها الطيور المهاجرة وأبرزها انفلونزا الطيور.
هل البجع مهدد بالانقراض؟
على الرغم من أن معظم أنواع البجع غير مهددة بالانقراض، إلا أن بعضها قد يواجه مخاطر كبيرة تهدد استمراريته، ومن أكثر الأنواع المهددة بالانقراض نجد هناك البجع الدلماسي والذي يعتبر من الأنواع المهدد بالانقراض، حيث تراجعت أعداده بشكل كبير للغاية بسبب فقدانه للموئل الطبيعي والصيد الجائر والتغير المناخي، إضافة للبجع البيروفي والهندي القريبين من التهديد بالانقراض والذين يحتاجان لمراقبة شديدة ومستمرة، أما باقي الأنواع الأخرى فحالتها مستقرة وفقا للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة IUCN.
أعداء البجع الطبيعيون
عندما يكون البجع بالغا وكامل النمو، فإنه لا يمتلك أعداء طبيعيين كثيرين بسبب حجمه الكبير وقوته وتواجده في مجموعات. ومع ذلك، فإن البيض والفراخ الصغيرة تكون عرضة للافتراس من قبل مجموعة متنوعة من الحيوانات، مثل الثعالب، والقيوط، والراكون، والطيور الجارحة الكبيرة مثل النسور والعقبان، والغربان، والنوارس الكبيرة، والزواحف مثل التماسيح والورل في بعض المناطق. في الماء، قد تشكل أسماك القرش الكبيرة أو الثدييات البحرية المفترسة تهديدا للطيور البالغة أحيانا، ولكن هذا نادر.
جهود الحماية والمحافظة على البجع
تتطلب حماية البجع والحفاظ على مجموعاته السكانية السليمة جهودا متضافرة تركز على حماية موائله، وتقليل التهديدات البشرية، وزيادة الوعي بأهمية هذه الطيور المائية.
- إنشاء محميات طبيعية لحماية أماكن تكاثره وتغذيته.
- منع تجفيف الأراضي الرطبة التي يعتمد عليها للغذاء والتعشيش.
- تقليل استخدام البلاستيك الذي من الممكن أن يبتلعه البجع وبالتالي يسبب نفوقه.
- حظر المواد الكيميائية السامة التي تتسبب في تلوث المياه.
- تنظيف الموائل الطبيعية من المخلفات والنفايات.
- فرض قوانين صارمة تحد من الصيد الجائر للبجع أو الإضرار به.
- توفير مصايد أسماك مستدامة لضمان بقاء الغذاء للبجع.
- تثقيف المجتمعات المحلية حول الأهمية التي يلعبها البجع في النظام البيئي.
- متابعة انتشار الأمراض التي تؤثر عليه وأبرزها انفلونزا الطيور.
أمثلة على بعض الجهود الناجحة
- تم إعادة توطين البجع الدلماسي في بعض المناطق في أوروبا من خلال توفير محميات آمنة له.
- منع استخدام مبيد DDT في الولايات المتحدة الأمريكية والذي كاد يتسبب في انقراض البجع البني، مما ساعد في تعافيه والحد من خطر انقراضه.
ملحوظة: يتطلب الحفاظ الفعال على البجع تعاونا بين الحكومات، والمنظمات غير الحكومية، والعلماء، والصيادين، والمجتمعات المحلية، والجمهور بشكل عام. حماية هذه الطيور الرائعة هي جزء من حماية صحة وتنوع النظم البيئية المائية ككل.
الأهمية البيئية والاقتصادية للبجع
يمتلك البجع أهمية بيئية كبيرة كجزء من النظم البيئية المائية، وله أيضا قيمة اقتصادية وثقافية وجمالية تجعل الحفاظ عليه أمرا ضروريا.
الأهمية البيئية:
- مفترس في السلسلة الغذائية: يلعب البجع دورا هاما كمفترس للأسماك، مما يساعد في تنظيم أعدادها ويؤثر على بنية ووظيفة المجتمعات السمكية في المسطحات المائية التي يعيش فيها.
- مؤشر على صحة النظام البيئي المائي: يمكن اعتبار صحة ووفرة مجموعات البجع مؤشرا جيدا على الحالة العامة للنظام البيئي المائي، بما في ذلك جودة المياه وتوفر الأسماك وسلامة الموائل. إذا كانت مجموعات البجع تتناقص، فقد يكون ذلك علامة على وجود مشاكل بيئية أوسع.
- إعادة تدوير المغذيات: تساهم فضلات البجع (الجوانو)، خاصة في مستعمرات التعشيش الكبيرة، في تخصيب المياه والتربة المحيطة، مما يعزز نمو النباتات والعوالق ويدعم الشبكات الغذائية المحلية.
- جزء من التنوع البيولوجي: يمثل البجع بأنواعه الثمانية جزءًا فريدا وجميلا من التنوع البيولوجي العالمي، وفقدانه أو انخفاض أعداده بشكل كبير سيمثل خسارة لا تعوض للتراث الطبيعي للكوكب.
الأهمية الاقتصادية:
- السياحة البيئية ومراقبة الطيور: يعتبر البجع من الطيور الجاذبة الرئيسية للسياح ومحبي مراقبة الطيور في العديد من المناطق حول العالم. مشاهدة أسراب البجع وهي تصطاد أو تطير أو تعشش تجربة مثيرة تولد إيرادات اقتصادية هامة للمجتمعات المحلية والبلدان، وتوفر فرص عمل في قطاع السياحة البيئية المسؤولة.
- القيمة الجمالية والثقافية: يحظى البجع بتقدير كبير لجماله وأناقته وسلوكه المثير للاهتمام. يظهر في الفن والأدب والشعارات، ويمثل رمزا للعديد من المناطق الساحلية والداخلية.
- استخدام الجوانو: كان جوانو الطيور البحرية بما في ذلك البجع في بعض المناطق يُجمع ويُستخدم كسماد طبيعي غني بالفوسفور والنيتروجين، وكان له قيمة تجارية كبيرة في الماضي.
- التأثير على مصايد الأسماك: يُنظر إلى البجع أحيانا على أنه منافس للصيادين التجاريين على موارد الأسماك، ولكن تأثيره الفعلي غالبا ما يكون أقل مما يُعتقد، وقد يستهدف أنواع أسماك مختلفة أو أحجاما مختلفة عن تلك التي يستهدفها الصيادون. في بعض الحالات، قد يساعد في تنظيم أعداد الأسماك غير المرغوب فيها.
ملحوظة: تتجاوز القيمة البيئية والجمالية والثقافية للبجع بكثير أي تأثيرات اقتصادية سلبية محدودة قد تكون له. الحفاظ عليه ليس فقط واجبا أخلاقيا وبيئيا، بل له أيضا فوائد اقتصادية واجتماعية مستدامة من خلال السياحة البيئية المسؤولة والبحث العلمي.
البجع في الثقافة والأساطير
يحظى البجع بحضور رمزي وثقافي متنوع في مختلف الحضارات والأديان عبر التاريخ. ففي المسيحية، اكتسب البجع رمزية خاصة وفريدة، حيث كان يُعتقد خطأً أن أنثى البجع تقوم بجرح صدرها بمنقارها لإطعام صغارها بدمها عندما لا تجد طعاما آخر. هذا التصور، على الرغم من عدم صحته من الناحية البيولوجية، جعل من البجع رمزا للتضحية بالنفس، والمحبة الأبوية، والتكفير، والصدقة، ورمزا للمسيح وتضحيته من أجل البشرية. ولهذا السبب، يظهر البجع في العديد من الأعمال الفنية الدينية المسيحية وفي شعارات النبالة.
في بعض الثقافات الأخرى، كان يُنظر إلى البجع على أنه رمز للحكمة أو الوقار بسبب مظهره الهادئ وحجمه الكبير. في مصر القديمة، كان البجع يُقدس أحيانا ويرتبط ببعض الآلهة أو يستخدم في الكتابة الهيروغليفية. كما يظهر في بعض الأساطير والفولكلور المحلي في مناطق مختلفة من العالم كطائر ذي قدرات خاصة أو كحامل للرسائل. بشكل عام، فإن مظهره الفريد، وخاصة كيسه الجلدي العجيب، جعله دائما طائرا مثيرا للاهتمام والفضول البشري.
العلاقة بين البجع والإنسان
العلاقة بين البجع والإنسان هي علاقة قديمة ومتنوعة، تتأرجح بين الإعجاب والتقدير من جهة، والمنافسة والتهديد أحيانا من جهة أخرى. لطالما أُعجب الإنسان بمظهر البجع الفريد، وقدرته على الطيران برشاقة، وسلوكه الاجتماعي المثير للاهتمام، خاصة طرق صيده الجماعية. يعتبر البجع الآن من الطيور الجاذبة للسياحة البيئية ومراقبة الطيور في العديد من المناطق حول العالم، مما يوفر دخلا للمجتمعات المحلية ويساهم في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الطيور المائية وموائلها.
من ناحية أخرى، كان البجع يُنظر إليه أحيانا على أنه منافس للصيادين التجاريين والترفيهيين على موارد الأسماك، على الرغم من أن تأثيره الفعلي على مخزونات الأسماك غالبا ما يكون مبالغا فيه. كما تعرض البجع للعديد من التهديدات الناتجة عن الأنشطة البشرية، مثل فقدان وتدهور موائل الأراضي الرطبة، والتلوث خاصة بالمعادن الثقيلة والمبيدات، والتشابك في شباك وخطاطيف الصيد المهملة، والاضطراب في مستعمرات التعشيش. جهود الحفظ الحالية تركز على حماية موائله، وتقليل هذه التهديدات، وتعزيز التعايش الإيجابي بين الإنسان وهذا الطائر المائي الرائع.
إلى ماذا يرمز طائر البجع؟
يرمز طائر البجع في العديد من الثقافات إلى النقاء والتضحية والحب الأمومي العميق، إذ يُروى في الأساطير القديمة أن البجعة تجرح نفسها لتطعم صغارها من دمها، ما جعلها رمزا قويا للتفاني والرحمة. كما يُعتبر البجع علامة على الولاء والارتباط، خاصة بين الأزواج، نظرا لطبيعته الأحادية في التزاوج وحرصه على الشريك مدى الحياة. هذا الطائر الجميل لم يكن مجرد رمز في الأساطير فقط، بل تجسد أيضا في الفن والدين والأدب كدلالة على النبل والإخلاص.
الفرق بين البجع والفلامنجو
يخلط البعض بين طائر البجع وطائر الفلامنغو بسبب تشابه شكليهما من حيث الرقبة الطويلة والحجم الكبير، إلا أن هناك فروقا جوهرية تميز كل نوع من حيث الشكل والسلوك والبيئة. يوضح الجدول التالي هذه الفروق بطريقة مبسطة.
الفرق | البجع | الفلامنغو |
---|---|---|
الشكل الخارجي | جسم ضخم، منقار طويل بكيس جلدي كبير | جسم نحيف، أرجل طويلة جدا، منقار مقوس للأسفل |
اللون الشائع | أبيض غالبا | زهري أو وردي |
طريقة التغذية | يصطاد الأسماك بكيس منقاره | يصفّي الطحالب والروبيان من الماء |
السلوك الاجتماعي | يعيش غالبا في مجموعات صغيرة | يعيش في أسراب ضخمة |
البيئة المفضلة | البحيرات والأنهار والبحار | المستنقعات والمسطحات الملحية الضحلة |
يعتمد كل من البجع والفلامنغو على البيئات المائية، لكنهما يختلفان تماما في طريقة التغذية والبنية الجسدية والتوزيع الجغرافي، مما يجعل معرفتهما مهمة لمحبي الطيور والطبيعة.
معلومات عامة عن البجع:
- يغير البجع ريشه سنويا حيث يتخلص من الريش التالف وينمو ريش جديد، وأحيانا خلال فترة التبديل لا يستطيع الطيران لفترة قصيرة حتى يكتمل نمو الريش الجديد.
- يمتلك البجع الأسترالي أطول منقار في عالم الطيور حيث يبلغ طول منقاره تقريبا 50 سم.
- لا يستخدم البجع جرابه الجلدي لتخزين الطعام بل يستخدمه لصيد الأسماك وتصفيتها من الماء قبل ابتلاعها.
- يمتلك البجع غدة خاصة لإخراج الملح من جسمه وبالتالي يمكن له عند الضرورة شرب الماء المالح.
- في فترة الحر الشديد يقوم البجع برفرفة حلقه بسرعة لتحريك الهواء وتبريد جسمه.
- يعتبر البجع من أقدم الطيور الموجودة اليوم على سطح الأرض حيث يعود تاريخ الحفريات الخاصة به إلى 30 مليون سنة.
- يستطيع البجع الدلماسي أن يطير لمسافة 500 كيلومتر في اليوم الواحد.
- بعض الثقافات في العصور الوسطى جعلت من البجع رمزا للتضحية بسبب اعتقادهم أن البجع يجرح صدره لتغذية صغاره بدمه.
- كان ينظر للبجع على أنه رمز للخصوبة والحماية في الحضارة المصرية القديمة.
- أعداؤه الرئيسيون في الطبيعة هم النسور والثعالب والتماسيح وبعض أسماك القرش.
- لا يغوص البجع في الماء كباقي الطيور المائية باستثناء البجع البني.
- يستطيع الطيران لمسافات طويلة للغاية دون بذل مجهود كبير حيث يستخدم تيارات الهواء الدافئة للصعود إلى ارتفاعات عالية.
- عندما يشعر الصغار بالجوع يقومون بضرب رؤوسهم على منقار الأبوين لإطعامهم.
- خلال موسم التزاوج يتحول لون منقار بعض أنواع البجع إلى البرتقالي أو الأحمر الزاهي لجذب الإناث.
- يستخدم قدميه بدل ريشه أثناء فترة حضانة البيض مما يساهم في الحفاظ على درجة حرارة مستقرة وثابتة.
- تتوفر عينيه على غشاء شفاف تعمل أثناء الغوص في الماء مما يسمح له بالرؤية بوضوح أثناء الصيد.
- يستطيع الطيران بسرعة كبيرة للغاية قد تصل إلى 65 كم في الساعة خصوصا البجع الدلماسي.
- عندما يهاجر البجع لمسافات طويلة يدخل في حالة النوم الجزئي حيث ينام نصف دماغه ويبقى النصف الآخر يقظا لمراقبة المسار.
- يستطيع البجع قياس درجة حرارة البيض بمنقاره في مرحلة احتضان البيض.
- يستطيع التعرف على صغاره بسهولة من بين آلاف الصغار على الرغم من التشابه بينهم، ويستطيع معرفة صغاره من خلال الصوت والرائحة.
- يمكن للبجع التحليق لارتفاعات كبيرة تصل إلى 3000 متر أثناء الهجرة.
- يستطيع أن يسبح بسرعة تصل إلى 6 كم في الساعة وهي سرعة تفوق أمهر السباحين البشر.
خاتمة: البجع، بجماله الفريد وحضوره المهيب، يظل واحدا من أكثر الطيور إثارة للإعجاب في العالم. من ألوانه البديعة إلى حجمه الضخم وأجنحته الواسعة، كل شيء فيه يعبر عن التوازن بين القوة والأناقة. قدرته على الطيران لمسافات طويلة، والسباحة بخفة في المياه، تجعله رمزا للحرية والتكيف. لا يقتصر دور البجع على كونه مجرد طائر مائي، بل هو جزء حيوي من النظام البيئي، حيث يساهم في الحفاظ على التوازن الطبيعي. بكل هذه الصفات، يبقى البجع مصدر إلهام للكثيرين.
المصادر والمراجع:
المصدر الأول: Wikipedia
المصدر الثاني: Britannica