كيف تبني الطيور أعشاشها؟ إليك الأسرار

بناء العش عند الطيور: أسرار مذهلة تكشف عبقرية الغريزة

هل تساءلت يوما وأنت ترى طائرا صغيرا يحمل قشة بمنقاره عن سر تلك الهندسة المعمارية الفطرية التي يبدعها؟ إن عالم بناء العش عند الطيور ليس مجرد عملية روتينية، بل هو سمفونية مذهلة من الغرائز الدقيقة، والمهارات المكتسبة، والإبداع الذي يتجلى في أبهى صوره. هذه المقالة ستأخذك في رحلة عميقة لاستكشاف أسرار هذه التحف الفنية الطبيعية، وكيف تتحول مواد بسيطة إلى ملاذات آمنة تحتضن أجيالا جديدة من الكائنات المجنحة، فاستعد لاكتشاف ما يفوق الخيال.

كيف تبني الطيور أعشاشها؟ إليك الأسرار
كيف تبني الطيور أعشاشها؟ إليك الأسرار


لماذا تبني الطيور الأعشاش؟

إن عملية بناء العش عند الطيور ليست مجرد هواية أو نزوة عابرة، بل هي ضرورة حتمية تمليها غريزة البقاء والاستمرار. فالهدف الأساسي من هذه الهياكل المتقنة هو توفير بيئة آمنة ومستقرة لوضع البيض وحضانته حتى يفقس. هذا المأوى يوفر الدفء اللازم للبيض الذي لا يستطيع تنظيم درجة حرارته بنفسه، ويحميه من تقلبات الطقس القاسية كالأمطار الغزيرة أو أشعة الشمس الحارقة أو الرياح العاتية.

لا يقتصر دور العش على حماية البيض فقط، بل يمتد ليشمل حماية الفراخ الصغيرة بعد الفقس. هذه الكائنات الضعيفة تكون في أشد الحاجة إلى مكان آمن يوفر لها الحماية من الحيوانات المفترسة التي تتربص بها في كل زاوية، سواء كانت ثعابين متسللة أو طيورا جارحة أو حتى بعض الثدييات الصغيرة. إن اختيار موقع العش وتصميمه بعناية فائقة يلعب دورا حاسما في نجاح عملية التكاثر واستمرار نسل هذه الكائنات الرائعة، مما يجعل بناء العش عند الطيور سلوكا جوهريا في دورة حياتها.

تتجاوز أهمية العش مجرد الحماية المادية، فهو يمثل أيضا مركزا للرعاية الأبوية. ففيه يتم إطعام الصغار وتعليمهم المهارات الأولية للبقاء. تختلف درجة تعقيد العش والمواد المستخدمة في بنائه بشكل كبير بين الأنواع المختلفة، مما يعكس التنوع الهائل في استراتيجيات التكاثر والتكيف مع البيئات المختلفة. فمن الأعشاش البسيطة المكونة من بضع أغصان إلى الهياكل المعقدة التي تشبه القلاع المنيعة، يظل الهدف واحدا: ضمان مستقبل الجيل القادم.

ينبع سلوك بناء العش لدى الطيور من غريزة فطرية عميقة تُوجّهها تغيرات هرمونية دقيقة وظروف بيئية محفزة. فعند اقتراب موسم التزاوج، تبدأ الطيور بشكل طبيعي في البحث عن شريك وتتهيأ للشروع في بناء عشها. هذا التفاعل المتناغم بين الطبيعة والبيولوجيا يعكس دهاء الخلق في تأمين البيئة المناسبة لتربية الصغار. إنه مشهد مدهش يجسد روعة التنظيم الفطري الذي يسهم في استمرارية الحياة.


أنواع أعشاش الطيور

عندما نتحدث عن بناء العش عند الطيور، فإننا ندخل إلى عالم من التنوع المذهل الذي يعكس قدرة هذه الكائنات على التكيف والإبداع. لا يوجد تصميم واحد يناسب الجميع، بل كل نوع من الطيور يطور أسلوبه الخاص في بناء مأواه بما يتناسب مع حجمه، وسلوكه، وطبيعة البيئة التي يعيش فيها، وحتى المواد المتاحة له في تلك البيئة المحيطة. إليك بعض أبرز أنواع الأعشاش التي تبدعها الطيور:

الأعشاش الكأسية

يعتبر هذا النوع من أكثر أنواع الأعشاش شيوعا وانتشارا، ويتميز بشكله المقعر الذي يشبه الكأس أو الفنجان، مما يوفر مكانا آمنا ومستقرا للبيض والفراخ الصغيرة.

  • تُبنى غالبا على فروع الأشجار، أو بين الشجيرات الكثيفة، أو حتى على حواف المباني.
  • تستخدم في بنائها مواد متنوعة مثل الأغصان الرفيعة، والأعشاب الجافة، والطين، وأحيانا خيوط العنكبوت لربط المكونات.
  • تبطن من الداخل بمواد ناعمة مثل الريش أو الشعر أو الطحالب لتوفير الدفء والراحة.
  • طيور مثل العصفور الدوري والبلبل تعد أمثلة شائعة تبني هذا النوع من الأعشاش.
ملاحظة
إن عمق الكأس وشكله يختلفان بشكل كبير، فبعضها ضحل وواسع، والبعض الآخر عميق وضيق، وذلك يعتمد على حجم الطائر وعدد البيض الذي يضعه، مما يبرهن على دقة عملية بناء العش عند الطيور.

الأعشاش المعلقة أو المتدلية

تتميز هذه الأعشاش بتصميمها الفريد الذي يجعلها تتدلى من فروع الأشجار كأنها أرجوحة طبيعية، مما يوفر حماية إضافية ضد بعض المفترسات الأرضية أو تلك التي تتسلق الأشجار.

  • غالبا ما تكون طويلة وضيقة، مع مدخل جانبي أو سفلي.
  • تتطلب مهارة فائقة في النسج والربط، حيث تستخدم الطيور أليافا نباتية دقيقة أو أعشابًا طويلة.
  • طائر الحباك وطائر الأوريول من أشهر الأمثلة على الطيور التي تبدع هذه الأعشاش المعقدة.
  • تستغرق عملية بنائها وقتا وجهدا كبيرين، وأحيانا يشارك الذكر والأنثى في هذه المهمة.

ملاحظة
يعتبر هذا النوع من الأعشاش تحفة هندسية حقيقية، ويظهر مدى الإتقان الذي يمكن أن تصل إليه الطيور في بناء العش عند الطيور، خاصة في اختيار الموقع الذي يصعب الوصول إليه.

أعشاش الحفر والتجاويف

تعتمد بعض أنواع الطيور على التجاويف الطبيعية داخل جذوع الأشجار أو بين الصخور كمخابئ آمنة، بينما تفضّل أنواع أخرى حفر جحور في الأرض أو ضفاف الأنهار بأقدامها ومناقيرها لتأمين أعشاش تحميها من الأخطار والظروف المناخية القاسية.

  1. توفر هذه التجاويف حماية ممتازة من العوامل الجوية والمفترسات.
  2. قد تبطن الطيور هذه التجاويف بمواد ناعمة مثل الريش أو الأوراق الجافة.
  3. طيور نقار الخشب، والبوم، وبعض أنواع طيور الرفراف تفضل هذا النوع من الأعشاش.
  4. بعض الطيور مثل طائر الخطاف الرملي يحفر أنفاقا طويلة في المنحدرات الرملية.

ملاحظة
يعكس اختيار أو حفر هذه التجاويف قدرة الطيور على استغلال الموارد المتاحة بذكاء، ويؤكد على أن بناء العش عند الطيور لا يقتصر على التجميع والنسج بل يشمل الحفر والنحت أحيانًا.

الأعشاش الأرضية

كما يوحي الاسم، تقوم بعض الطيور ببناء أعشاشها مباشرة على سطح الأرض، وغالبا ما تكون هذه الأعشاش بسيطة في تصميمها ولكنها مموهة بشكل جيد لتجنب اكتشافها.

  • قد تكون مجرد حفرة بسيطة في التربة مبطنة ببعض الأعشاب أو الأوراق.
  • تعتمد الطيور التي تبني هذه الأعشاش على التمويه بشكل كبير لحماية بيضها وصغارها.
  • توجد عادة في المناطق المفتوحة مثل المراعي، أو الشواطئ، أو حتى في الغابات ذات الغطاء الأرضي الكثيف.
  • طيور مثل الزقزاق وبعض أنواع البط والإوز تفضل هذا النوع.

ملاحظة
على الرغم من بساطتها الظاهرية، إلا أن اختيار الموقع والتمويه يلعبان دورا حاسما في نجاح هذا النوع من الأعشاش، مما يثبت أن بناء العش عند الطيور يعتمد على استراتيجيات متنوعة.
شكل عش الطيور
شكل عش الطيور


مواد بناء الأعشاش

تُظهر عملية بناء العش عند الطيور مدى براعة هذه الكائنات في استخدام الموارد الطبيعية المتاحة في بيئتها. فكل قشة وكل ورقة وكل خيط يتم اختياره بعناية فائقة ليخدم غرضًا محددًا في الهيكل النهائي للعش. تتنوع المواد المستخدمة بشكل كبير، مما يعكس التنوع البيئي وقدرة الطيور على الابتكار والتكيف مع ما هو متاح حولها.

من أبرز المواد التي تدخل في تركيب هذه التحف المعمارية نجد الأغصان الصغيرة والفروع الجافة، والتي تشكل الهيكل الأساسي للعديد من الأعشاش، خاصة تلك الكأسية أو الكبيرة. يتم جمع هذه الأغصان وترتيبها بمهارة لتوفير قاعدة صلبة ومتينة. تليها الأعشاب الطويلة والجافة، وألياف النباتات، ولحاء الأشجار، والتي تستخدم في عمليات النسج والربط، وإضفاء المرونة والقوة على جدران العش وسقفه في بعض الأحيان. هذه المواد الطبيعية تندمج بشكل مثالي مع البيئة المحيطة، مما يوفر تمويهًا إضافيًا للعش.

لا تقتصر المواد على المصادر النباتية فقط، فالطين والوحل يلعبان دورًا هامًا في بناء العش عند الطيور لدى بعض الأنواع مثل طائر السنونو وطائر الفرنار. يتم جمع الطين وخلطه باللعاب أو الماء ليشكل مادة بناء قوية ومتماسكة، تستخدم في تشكيل جدران العش أو حتى بناء هيكل كامل يشبه الفرن. كما أن الريش وشعر الحيوانات والطحالب الناعمة تستخدم بكثرة كبطانة داخلية للعش، لتوفير الدفء والعزل الحراري اللازم للبيض والفراخ، وكذلك لتوفير سطح مريح وناعم.

في العصر الحديث، أظهرت بعض الطيور قدرة مدهشة على التكيف مع البيئة البشرية، حيث بدأت تستخدم مواد من صنع الإنسان في بناء أعشاشها. فقد نجد قطعًا من البلاستيك، أو خيوطًا صناعية، أو قصاصات من القماش أو الورق مندمجة في هيكل العش. وعلى الرغم من أن هذا قد يعكس مرونة الطيور، إلا أنه يثير القلق أحيانًا بشأن سلامة هذه المواد وتأثيرها على الصغار، مما يؤكد أهمية الحفاظ على بيئة طبيعية نظيفة لعملية بناء العش عند الطيور.


عملية بناء العش عند الطيور

إن مشاهدة طائر وهو ينهمك في بناء العش عند الطيور هي تجربة تكشف عن دقة مذهلة وجهد لا يكل. العملية ليست عشوائية على الإطلاق، بل تتبع خطوات مدروسة تبدأ باختيار الموقع المثالي وتنتهي بوضع اللمسات الأخيرة على المأوى. تختلف تفاصيل هذه العملية من نوع لآخر، ولكن هناك خطوط عريضة مشتركة تبرز مدى التنظيم الفطري الذي تتمتع به هذه الكائنات الصغيرة.

تبدأ الرحلة غالبا بالبحث الدقيق عن الموقع المناسب. هذا الاختيار حاسم لنجاح المهمة، حيث تأخذ الطيور في الاعتبار عوامل متعددة مثل ارتفاع الموقع عن الأرض، ومدى قربه من مصادر الغذاء والماء، ودرجة توفره على حماية طبيعية من المفترسات والظروف الجوية السيئة. بعض الطيور تفضل الأماكن المخفية بين الأغصان الكثيفة، بينما تختار أخرى التجاويف الصخرية أو فجوات الأشجار، وكل ذلك يعتمد على استراتيجية البقاء الخاصة بالنوع.

بعد تحديد الموقع، تبدأ مرحلة جمع مواد البناء. تنطلق الطيور في رحلات متكررة، حاملة بمنقارها أو بمخالبها ما تجده من أغصان وأعشاب وأوراق وطين وغيرها. قد تقطع مسافات طويلة بحثا عن المادة المثالية، وتظهر انتقائية مدهشة في اختيارها. عملية جمع المواد قد تستغرق أياما أو حتى أسابيع، وتتطلب جهدا بدنيا كبيرا، خاصة إذا كانت المواد ثقيلة أو نادرة في تلك المنطقة.

تأتي بعد ذلك مرحلة التشييد الفعلية، وهي المرحلة التي تتجلى فيها المهارات الهندسية الفطرية. تبدأ الطيور بوضع الأساسات، ثم تبدأ في نسج الجدران وتشكيل الهيكل العام للعش. تستخدم مناقيرها وأرجلها ببراعة فائقة في ترتيب المواد وربطها وتثبيتها. بعض الطيور، مثل طيور الحباك، تقوم بعمليات نسج معقدة تشبه فن الحياكة، بينما تستخدم طيور أخرى الطين كمادة لاصقة لتثبيت المكونات. تتواصل هذه العملية الدؤوبة حتى يكتمل بناء العش ويصبح جاهزا لاستقبال البيض، مما يجعل بناء العش عند الطيور مثالا حيا على الإصرار والمثابرة.


من يبني العش؟

يتكرر سؤال من يبني العش؟ عند مراقبة سلوك الطيور، والإجابة ليست موحدة، إذ تختلف الأدوار حسب النوع. بعض الطيور يُلقي الذكر على عاتقه مسؤولية بناء العش، وقد يشيد عدة أعشاش ليختار الأنثى منها الأفضل. يكون هذا السلوك جزءًا من طقوس التزاوج، إذ يعكس مدى كفاءة الذكر في توفير الحماية والراحة لصغاره. طائر الحباك يُعد من أبرز الأمثلة على هذا السلوك المتقن.

في أنواع أخرى من الطيور، تُصبح الأنثى هي المهندس الرئيسي لبناء العش، حيث تمتلك المهارة في اختيار المواد ومكان العش المناسب. غالبا ما يقتصر دور الذكر في هذه الحالة على الحماية أو المساندة الخارجية. هذا الأسلوب يضمن بيئة مثالية لحضانة البيض ونمو الفراخ، خاصةً في البيئات التي تتطلب عناية دقيقة. وتُظهر هذه الأنواع قدرا عاليا من التنظيم البيولوجي المرتبط بدور الأمومة.

أما الشكل الأكثر شيوعا فهو التعاون بين الذكر والأنثى، حيث يعملان معا بتناغم واضح في جمع المواد وبناء العش. هذا التعاون يعزز من قوة الرابطة الزوجية ويوفر بيئة مستقرة للصغار. لا يقتصر الأمر على البناء فحسب، بل يشكل أساسا لعلاقة تعاونية متطورة بين الشريكين. ويُعد هذا السلوك من الأمثلة البارزة على التنظيم الاجتماعي الراقي لدى الطيور.

عش الطيور
عش الطيور


تحديات تواجه الطيور أثناء بناء العش وصيانته

تواجه الطيور العديد من التحديات المعقدة أثناء بناء أعشاشها وصيانتها، إذ لا يقتصر الأمر على جمع المواد فقط، بل يشمل أيضا اختيار المكان الآمن والحفاظ على سلامة البيض والفراخ. كل نوع من الطيور يطور تقنيات خاصة للتغلب على تلك التحديات بما يتناسب مع بيئته. وتُعد هذه العملية مزيجا من الغريزة والتكيّف مع الظروف المحيطة، مما يعكس دهاء الطيور الفطري في حماية نسله.

  1. اختيار موقع مناسب: تواجه الطيور صعوبة في العثور على موقع يوفر الحماية من الحيوانات المفترسة والطقس القاسي، خاصة في البيئات المفتوحة أو المتغيرة باستمرار.
  2. ندرة المواد: قد تعاني بعض الطيور من نقص في المواد المناسبة لبناء عش قوي، مثل الأغصان أو الريش أو حتى الطين في المناطق الجافة.
  3. تهديدات الحيوانات المفترسة: بعض الأعشاش تتعرض للغزو من قبل المفترسات كالأفاعي أو الغربان، ما يدفع الطيور لإعادة البناء في مكان آخر.
  4. العوامل الجوية القاسية: تؤدي الرياح القوية والأمطار الغزيرة أحيانا إلى تدمير الأعشاش تماما، خصوصا في الفصول الانتقالية.
  5. المنافسة بين الطيور: قد تدخل الطيور في صراعات مع أفراد من نفس النوع أو أنواع أخرى على المواقع أو المواد.
  6. الصيانة المستمرة: بعد بناء العش، تحتاج الطيور لصيانته بانتظام من التآكل أو التلف لضمان أمان الفراخ.

ملاحظة
يُظهر بناء العش وصيانته مدى تعقيد سلوكيات الطيور وتكيفها مع الطبيعة. ويُعتبر كل عش بمثابة إنجاز معماري حقيقي قائم على الملاحظة والتجربة. لهذا السبب، فإن دراسة أعشاش الطيور تفتح نافذة مدهشة لفهم غريزة البقاء لدى الكائنات الحية.


أعشاش طيور فريدة وغريبة

بينما تتبع معظم الطيور أنماطا تقليدية في بناء العش عند الطيور، هناك أنواع دفعت حدود الإبداع والغرابة إلى مستويات تفوق الخيال. هذه الأعشاش الفريدة لا تخدم فقط الغرض الأساسي للحماية والتكاثر، بل تمثل أيضا تكيفات مذهلة مع بيئات محددة أو استراتيجيات حياة غير تقليدية، وتجعلنا نقف مذهولين أمام عبقرية الطبيعة. إليك بعض الأمثلة على أعشاش الطيور التي تتحدى المألوف:

أعشاش طائر الحباك

تُعد أعشاش طيور الحباك من أروع الأمثلة على الهندسة المعمارية في عالم الطيور. هذه الطيور الصغيرة، خاصة الذكور منها، تقوم بنسج أعشاش معقدة ومتدلية من الألياف النباتية بمهارة فائقة.

  • تتميز الأعشاش بشكلها الكروي أو الكمثري، مع مدخل ضيق غالبا ما يكون في الأسفل أو الجانب لحماية إضافية.
  • قد يبني الذكر الواحد عدة أعشاش لجذب الإناث، وتختار الأنثى العش الأفضل.
  • بعض أنواع طيور الحباك تبني مستعمرات ضخمة من الأعشاش المتلاصقة، تشبه مدنا صغيرة معلقة على الأشجار.
  • تتطلب عملية النسج دقة متناهية واستخدام المنقار والقدمين ببراعة لا مثيل لها.
ملاحظة
إن تعقيد هذه الأعشاش وجمال تصميمها يجعل من بناء العش عند الطيور لدى الحباك مشهدا يستحق التأمل، ويبرهن على قدرات فنية مذهلة تطورت عبر ملايين السنين من الانتقاء الطبيعي.

أعشاش طائر الفرنار

يشتهر طائر الفرنار، الذي يعيش في أمريكا الجنوبية، ببناء أعشاش فريدة من نوعها تشبه الأفران الطينية القديمة، ومن هنا جاء اسمه. هذه الهياكل الصلبة توفر حماية ممتازة.

  1. يستخدم الطائر الطين والوحل الممزوج بالألياف النباتية لبناء عش كروي أو بيضاوي الشكل.
  2. يحتوي العش على حجرتين: حجرة أمامية كمدخل، وحجرة داخلية لوضع البيض.
  3. يجف الطين تحت أشعة الشمس ليصبح صلبا كالصخر، مما يجعله منيعا ضد العديد من المفترسات.
  4. قد يستغرق بناء هذا العش عدة أسابيع، ويعمل الزوجان معا في هذه المهمة الشاقة.

ملاحظة
تعتبر هذه الأعشاش من أكثر الهياكل متانة في عالم الطيور، وغالبا ما تستخدمها طيور أخرى بعد أن يهجرها طائر الفرنار، مما يوضح كيف أن بناء العش عند الطيور يمكن أن يفيد النظام البيئي بأكمله.

أعشاش طائر السنونو

تتميز طيور السنونو بقدرتها على بناء أعشاشها من كريات الطين الصغيرة التي تجمعها وتلصقها بأسطح عمودية مثل جدران المباني، أو تحت الجسور، أو في الكهوف.

  • يقوم السنونو بجمع الطين اللزج من برك الماء أو ضفاف الأنهار، ويشكله إلى كريات صغيرة بمنقاره.
  • يلصق هذه الكريات واحدة تلو الأخرى، وغالبا ما يمزجها باللعاب أو الأعشاب لزيادة التماسك.
  • تأخذ الأعشاش شكل نصف كوب أو هيكل مغلق مع فتحة صغيرة للدخول.
  • تتطلب هذه العملية صبرا ودقة، وقد يقوم الطائر بآلاف الرحلات لجلب الطين.

ملاحظة
إن قدرة السنونو على استغلال الأسطح العمودية لبناء مأواه هي مثال رائع على التكيف، وتوضح كيف أن بناء العش عند الطيور يمكن أن يتخذ أشكالا غير متوقعة باستخدام مواد بسيطة.


كيف يمكننا مساعدة الطيور في بناء أعشاشها؟

إن عملية بناء العش عند الطيور هي جزء حيوي من دورة الحياة الطبيعية، ومع تزايد التحديات التي تواجهها هذه الكائنات بسبب التغيرات البيئية والأنشطة البشرية، يصبح دورنا في تقديم يد العون أكثر أهمية من أي وقت مضى. هناك العديد من الطرق البسيطة والفعالة التي يمكننا من خلالها مساعدة الطيور في مهمتها الصعبة لتوفير مأوى آمن لصغارها، والمساهمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي.

أولا، يمكننا توفير مواد بناء آمنة وطبيعية للطيور. بدلا من التخلص من الأغصان الصغيرة المتساقطة، أو قصاصات العشب النظيف، أو الشعر المتساقط من حيواناتنا الأليفة، يمكننا تركها في أماكن هادئة في حدائقنا أو أفنيتنا. هذه المواد قد تبدو بسيطة لنا، لكنها تمثل موارد قيمة للطيور التي تبحث عن مكونات لعشها. يجب التأكد من أن أي مواد نقدمها خالية من المواد الكيميائية الضارة أو الخيوط البلاستيكية الطويلة التي قد تتشابك فيها الطيور.

ثانيا، زراعة النباتات المحلية والأشجار والشجيرات في محيطنا يوفر للطيور ليس فقط الغذاء والمأوى، بل وأيضا مواقع مثالية لعملية بناء العش عند الطيور. النباتات المحلية تتكيف بشكل أفضل مع البيئة وتدعم الحشرات المحلية التي تشكل جزءًا هاما من غذاء العديد من الطيور وصغارها. توفير غطاء نباتي متنوع وكثيف يعطي الطيور خيارات أكثر وأماكن أكثر أمانا لإخفاء أعشاشها عن أعين المفترسات.

ثالثا، التقليل من استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب في حدائقنا له تأثير إيجابي كبير. هذه المواد الكيميائية لا تقتل الحشرات التي تعتمد عليها الطيور كغذاء فحسب، بل يمكن أن تسمم الطيور بشكل مباشر أو تتسبب في ضعف قشر البيض. اختيار طرق طبيعية لمكافحة الآفات والحفاظ على حديقة صحية وصديقة للبيئة يساهم بشكل مباشر في صحة الطيور وقدرتها على التكاثر بنجاح.

وأخيرا، من المهم جدًا احترام مساحة الطيور وعدم إزعاجها أثناء فترة التعشيش. إذا اكتشفت عشا، استمتع بمراقبته من مسافة آمنة وباستخدام المنظار إذا أمكن. تجنب الاقتراب الشديد أو محاولة لمس العش أو البيض أو الفراخ، لأن ذلك قد يتسبب في هجر الوالدين للعش. إن تقديرنا لجهود بناء العش عند الطيور يجب أن يترجم إلى سلوك مسؤول يحمي هذه الكائنات الضعيفة ويضمن استمرار وجودها في بيئتنا.


خاتمة: وهكذا، نرى أن عالم بناء العش عند الطيور هو أكثر من مجرد غريزة، إنه فن وهندسة وصبر وتكيف. كل عش هو قصة فريدة عن الحياة والمثابرة، ودليل على عظمة الخالق في أصغر مخلوقاته. نأمل أن تكون هذه الرحلة قد ألهمتك للنظر إلى الطيور من حولك بعين جديدة، ولتقدير هذا الجهد المذهل الذي تبذله كل عام.


المصادر والمراجع:

المصدر الأول: Wikipedia

المصدر الثاني: Nhm

المصدر الثالث: Discoverwildlife

تعليقات