السلطعون: ذكاء مدهش في أعماق البحار

حقائق مذهلة عن السلطعون قد تسمع بها لأول مرة

هل فتنتك يوما رؤية ذلك الكائن المدرع وهو يسير بشكل جانبي مميز على الشاطئ، أو شاهدت مخالبه القوية وهي تدافع عن نفسها أو تقبض على فريستها؟ إنه السلطعون Crab (سرطان البحر)، القشري ذو العشرة أرجل الذي يجوب قيعان المحيطات وشواطئها وحتى بعض بيئات المياه العذبة. لكن، هل تعلم أن السلطعون يجب أن يخلع هيكله بالكامل لينمو، وأن بعض أنواعه تزين نفسها بالطحالب والإسفنج للتمويه؟ انضم إلينا لاستكشاف عالم هذه القشريات المدهشة؛ سنتعرف على تنوعها الهائل، وتكيفاتها الفريدة، وسلوكها المثير للاهتمام، وأهميتها الكبيرة في النظم البيئية والاقتصاد العالمي.

السلطعون: ذكاء مدهش في أعماق البحار
السلطعون: ذكاء مدهش في أعماق البحار

التصنيف العلمي للسلطعون

التصنيف الاسم العلمي الاسم العربي الاسم الإنجليزي
المملكة Animalia الحيوانات Animals
الشعبة Arthropoda مفصليات الأرجل Arthropods
الصف Malacostraca القشريات العليا Malacostracans
الرتبة Decapoda عشرية الأرجل Decapods
الفصيلة Brachyura السرطانيات الحقيقية True crabs

مقدمة تعريفية عن السلطعون

السلطعون أو سرطان البحر، هو الاسم الشائع لمجموعة كبيرة جدا ومتنوعة من القشريات تنتمي إلى تحت رتبة قصيرات الذنب، وهي جزء من رتبة عشاريات الأرجل التي تضم أيضا الجمبري والكركند. السمة المميزة للسلطعون الحقيقي هي ذيله القصير جدا (البطن) المطوي بالكامل تحت الجزء الرئيسي من الجسم، وامتلاكه لهيكل خارجي صلب، وخمسة أزواج من الأرجل، يكون الزوج الأمامي منها متحورا إلى زوج من المخالب القوية.

تنتشر أنواع السلطعون المختلفة في جميع محيطات العالم، من المناطق الساحلية الضحلة ومناطق المد والجزر إلى أعماق البحار السحيقة. كما تكيفت العديد من الأنواع للعيش في المياه العذبة، وأنواع أخرى أصبحت شبه أرضية أو أرضية بالكامل تعيش في المناطق الاستوائية الرطبة. ويعتبر السلطعون كائنا ناجحا تطوريا بفضل تنوعه الكبير وقدرته على استغلال مجموعة واسعة من الموائل والمصادر الغذائية.

يلعب السلطعون أدوارا بيئية هامة كمفترسات، وفرائس، وكائنات محللة تساهم في تنظيف البيئة البحرية. كما أن له أهمية اقتصادية كبيرة للإنسان، حيث تشكل العديد من أنواعه أساسا لمصايد أسماك تجارية قيمة حول العالم، ويُعتبر لحمه طعاما شهيا في العديد من الثقافات. سلوكه المميز، مثل المشي الجانبي وعملية الانسلاخ وتزيين النفس لدى بعض الأنواع، يجعله أيضا كائنا مثيرا للاهتمام والدراسة.


معنى إسم السلطعون

يحمل اسم السلطعون دلالة لغوية تعكس صفاته الخارجية وحركته المميزة. يُشتق الاسم من الجذر العربي الذي يشير إلى الالتفاف أو الاعوجاج، وهو وصف دقيق لطريقة مشيه الجانبيّة الغريبة التي تميّزه عن باقي الكائنات البحرية. وفي اللغات الأجنبية، يُعرف باسم Crab، المشتق من الكلمة الجرمانية القديمة التي تعني الكلّاب في إشارة إلى مخالبه القوية. هذا الاسم يعكس بوضوح مظهره وسلوكه، مما يجعله سهل التمييز في الذاكرة الشعبية والثقافية.


التاريخ التطوري وأسلاف السلطعون

شهد السلطعون مسيرة تطورية طويلة ومعقدة تمتد لملايين السنين. يُعتقد أن أسلافه الأوائل ظهروا قبل أكثر من 200 مليون سنة، وتطورت أجسامهم تدريجيا من شكل مفصليات بحرية بسيطة إلى أشكال أكثر تعقيدا. وقد بدأت بعض فصائل السلطعون تتخذ الشكل المعروف اليوم خلال العصر الجوراسي، حين تكيفت مع أنماط حياة متنوعة بين المياه المالحة والعذبة. هذا التنوع سمح لها بالانتشار في معظم بحار ومحيطات العالم.

يرتبط السلطعون بأنواع منقرضة مثل (اليوريبترِيد)، أو العقارب البحرية، والتي يُعتقد أنها من أقرب أقاربه القدماء. كما يُظهر سجل الحفريات أن عملية التمسْرح تكررت عدة مرات عبر التاريخ، وهي ظاهرة تطورية يتحول فيها شكل الحيوان تدريجيا إلى شكل السلطعون الحالي. وهذا يجعل السلطعون مثالا حيّا على كيف يمكن للتطور أن يؤدي إلى أنماط تشريحية متشابهة في كائنات مختلفة. تكشف هذه العملية عن مدى قدرة الطبيعة على التكيّف وتكرار الحلول الناجحة.


ما هي صفات السلطعون الخارجية؟

يمتلك السلطعون تصميما جسديا فريدا ومكيفا بشكل مثالي لبيئته، سواء كان يعيش في قاع البحر، أو بين الصخور، أو يحفر في الرمال. هيكله الخارجي الصلب ومخالبه القوية وأرجله المتعددة كلها سمات مميزة. دعنا نتعرف على تفاصيل شكل هذه القشريات المدرعة.

  • الهيكل الخارجي: الجزء الأكثر وضوحا هو الدرع أو الصدفة، وهي غطاء صلب وواسع ومفلطح عادة يغطي منطقة الرأس والصدر. يوفر هذا الهيكل الخارجي الحماية للأعضاء الداخلية الرخوة والدعم للجسم. يتكون الهيكل بشكل أساسي من الكيتين المقوى بأملاح الكالسيوم. يجب على السلطعون أن يتخلص من هذا الهيكل بشكل دوري لينمو.
  • الرأس والصدر: يندمج الرأس والصدر معا في منطقة واحدة مغطاة بالدرع. يحمل هذا الجزء العيون، وقرون الاستشعار، وأجزاء الفم، والأرجل.
  • العيون المركبة: تمتلك السلطعونات زوجا من العيون المركبة التي غالبا ما تكون محمولة على سيقان قصيرة وقابلة للحركة، مما يمنحها مجال رؤية واسع وقدرة جيدة على اكتشاف الحركة.
  • قرون الاستشعار: تمتلك زوجين من قرون الاستشعار. الزوج الأول قصير ويستخدم بشكل أساسي للشم والتوازن. الزوج الثاني أطول ويستخدم للمس واستشعار البيئة المحيطة.
  • أجزاء الفم: تمتلك السلطعون مجموعة معقدة من أجزاء الفم المتعددة تستخدم لتقطيع وتمزيق ونقل الطعام إلى الفم.
  • الأرجل: تمتلك السلطعونات خمسة أزواج من الأرجل (عشرة أرجل).
  • المخالب: الزوج الأمامي من الأرجل متحور إلى زوج من المخالب القوية والكبيرة عادة. تستخدم المخالب للدفاع عن النفس، والتقاط الفريسة وتمزيقها، والتلاعب بالطعام، وفي العروض الاجتماعية والتزاوج. وقد يكون أحد المخلبين أكبر من الآخر.
  • أرجل المشي: الأزواج الأربعة الخلفية من الأرجل تستخدم للمشي والحركة. وتكون عادة مدببة وتساعد السلطعون على التحرك بسرعة، وغالبا بشكل جانبي. في بعض الأنواع (مثل السلطعونات السابحة)، قد يكون الزوج الأخير من الأرجل متحورا على شكل مجاديف للسباحة.
  • البطن: بطن السلطعون قصير جدا ومسطح ومطوي بالكامل تحت منطقة الصدرأس. يكون البطن أضيق ومدببا في الذكور، وأوسع ومستديرا في الإناث لاستيعاب وحماية البيض الذي تحمله.

لون السلطعون

يتنوع لون السلطعون بشكل هائل حسب النوع والبيئة. يمكن أن يكون لونه بنيا، أو رماديا، أو أخضر، أو أحمر، أو برتقاليا، أو أزرق، أو أبيض، وغالبا ما يكون مزينا بأنماط وبقع تساعده على التمويه مع محيطه (مثل الرمال، الصخور، الطحالب، الشعاب المرجانية). بعض الأنواع قادرة على تغيير لونها قليلا لتتناسب مع الخلفية.

حجم السلطعون

يتفاوت حجم السلطعون بشكل كبير جدا. فبعض الأنواع الصغيرة (مثل سلطعون البازلاء) لا يتجاوز عرض درعها بضعة ملليمترات. أما الأنواع المتوسطة الشائعة (مثل السلطعون الأزرق أو السلطعون الشاطئي) يتراوح عرض درعها بين 5 و 20 سم. أما أكبر الأنواع فهو السلطعون العنكبوتي الياباني، حيث يمكن أن يصل امتداد أرجله إلى أكثر من 3.5 متر.

وزن السلطعون

يتراوح وزن السلطعون بأقل من جرام واحد للأنواع الصغيرة جدا، إلى عدة كيلوجرامات للسلطعونات الكبيرة الصالحة للأكل (مثل سلطعون الملك أو السلطعون العملاق التسماني)، ويمكن أن يصل وزن السلطعون العنكبوتي الياباني إلى حوالي 19 كجم.


أين يعيش السلطعون؟

تعتبر السلطعونات من أكثر مجموعات القشريات انتشارا وتنوعا، حيث توجد في جميع محيطات العالم وبحارها، بالإضافة إلى العديد من بيئات المياه العذبة والبرية. قدرتها على التكيف سمحت لها باستيطان نطاق واسع جدا من الموائل.

  1. المحيطات العالمية: الغالبية العظمى من أنواع السلطعون بحرية وتوجد في جميع المحيطات، من المياه الاستوائية الدافئة إلى المياه القطبية الباردة، ومن المناطق الساحلية الضحلة إلى أعماق البحار السحيقة.
  2. المياه العذبة: تكيفت العديد من فصائل وأنواع السلطعون للعيش بشكل دائم في بيئات المياه العذبة مثل الأنهار والبحيرات والجداول في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية بشكل خاص.
  3. المناطق البرية: بعض مجموعات السلطعون (خاصة في المناطق الاستوائية) تكيفت لقضاء معظم حياتها على اليابسة، وتحتاج فقط للعودة إلى الماء للتكاثر أو للحفاظ على رطوبة خياشيمها. تشمل هذه سلطعونات اليابسة وسلطعونات جوز الهند.

تستغل السلطعونات مجموعة هائلة من الموائل الدقيقة ضمن نطاقات توزيعها الواسعة، مما يعكس تنوعها الكبير في الشكل والسلوك.

  1. المناطق الصخرية بين المد والجزر: موئل شائع جدا للعديد من أنواع السلطعون الشاطئية التي تختبئ بين الصخور وتحت الطحالب أثناء انخفاض المد وتنشط للبحث عن الطعام عند ارتفاعه.
  2. الشواطئ الرملية والطينية: أنواع أخرى، مثل سلطعونات الشبح وسلطعونات الكمان، تحفر جحورا في الرمال أو الطين في مناطق المد والجزر والمناطق الساحلية.
  3. قيعان البحار والمحيطات: تعيش أعداد كبيرة من أنواع السلطعون على قاع البحر، سواء كان رمليا أو طينيا أو صخريا، وتتغذى على المواد المترسبة أو الكائنات القاعية الأخرى.
  4. الشعاب المرجانية: تأوي الشعاب المرجانية تنوعا كبيرا من السلطعون ذات الأشكال والألوان المتنوعة، والتي تعيش بين تفرعات المرجان أو في الشقوق الصخرية.
  5. غابات المانغروف والمستنقعات المالحة: تعتبر هذه البيئات الساحلية موئلا هاما للعديد من أنواع السلطعون المتكيفة مع المياه قليلة الملوحة والطين.
  6. الأنهار والبحيرات: تعيش سلطعونات المياه العذبة تحت الصخور أو بين النباتات المائية أو تحفر جحورا في ضفاف الأنهار والبحيرات.
  7. الغابات الاستوائية: تعيش سلطعونات اليابسة في الغابات الرطبة، وغالبا ما تحفر جحورا في التربة وتنشط ليلا.

كيف يتأقلم السلطعون مع بيئته؟

يتأقلم السلطعون مع بيئته بمرونة عالية بفضل بنيته الجسدية وسلوكياته الفريدة. فهو يمتلك قشرة صلبة تحميه من المفترسات، وأرجل متكيفة تتيح له الحركة بسهولة على الرمال أو الصخور. كما أنه قادر على العيش في بيئات مختلفة، سواء كانت مائية أو شبه يابسة، بفضل قدرته على الاحتفاظ بالماء داخل جسمه. إضافة إلى ذلك، يستخدم السلطعون ألوانه للتمويه والاختباء من الأعداء، مما يزيد من فرص نجاته في الطبيعة.


ماذا يأكل السلطعون؟

تعتبر معظم أنواع السلطعون كائنات قارتة وانتهازية، تأكل تقريبا أي مادة عضوية تجدها. ومع ذلك، يختلف النظام الغذائي المحدد بشكل كبير حسب النوع والموئل وتوفر الغذاء. اكتشف القائمة المتنوعة لما تأكله هذه القشريات الماهرة.

المواد النباتية:

  • الطحالب والأعشاب البحرية: تشكل جزءًا هاما من غذاء العديد من أنواع السلطعون الساحلية والقاعية.
  • النباتات المائية (في المياه العذبة).
  • أوراق المانغروف المتساقطة وغيرها من المواد النباتية المتحللة: تلعب دورا كبيرا في غذاء العديد من الأنواع التي تعيش في المصبات والمناطق الساحلية الطينية.
  • الثمار المتساقطة (لبعض سلطعونات اليابسة).

الحيوانات:

  • الرخويات: يأكل السلطعون مجموعة متنوعة من الرخويات مثل بلح البحر، والمحار، والحلزونات البحرية، مستخدمة مخالبها القوية لكسر أصدافها.
  • الديدان: الديدان البحرية والديدان الحلقية الأخرى التي تعيش في الرواسب تشكل فريسة شائعة.
  • القشريات الأخرى: قد تأكل سلطعونات أصغر حجما، أو جمبري صغير، أو برنقيل، أو حتى سلطعونات أخرى.
  • الأسماك الصغيرة أو الميتة: قد تصطاد الأسماك الصغيرة البطيئة أو تتغذى على جثث الأسماك الميتة.
  • قنافذ البحر ونجم البحر.
  • بيض ويرقات الكائنات البحرية الأخرى.
  • المواد العضوية الميتة والمخلفات: يلعب السلطعون دورا هاما ككائنات قمامة في البيئة البحرية والساحلية، حيث يستهلك جثث الحيوانات الميتة وبقايا الكائنات الأخرى، مما يساعد في تنظيف البيئة وإعادة تدوير المغذيات.

ملحوظة: يستخدم السلطعون مخالبه ببراعة لالتقاط الطعام وتمزيقه وتوصيله إلى أجزاء فمه المعقد. حاسة الشم واللمس (باستخدام قرون الاستشعار والأرجل) تلعب دورا هاما في تحديد موقع الغذاء، خاصة للمواد الميتة أو المخلفات.

كم يستطيع السلطعون العيش بدون طعام؟

تختلف قدرة السلطعون على البقاء بدون طعام بشكل كبير حسب النوع، وحجمه، ومعدل الأيض لديه، ومخزون الطاقة في جسمه. بشكل عام، يمكن للعديد من أنواع السلطعونات البقاء على قيد الحياة لعدة أيام أو حتى أسابيع قليلة بدون طعام، خاصة في المياه الباردة حيث يكون معدل الأيض أبطأ. ومع ذلك، فإنها تحتاج إلى التغذية بانتظام للحفاظ على طاقتها ونموها (خاصة قبل الانسلاخ).

دور السلطعون في السلسلة الغذائية

يلعب السلطعون دورا مهما في السلاسل الغذائية البحرية بصفته كائنا كاشطا ومفترسا في آنٍ واحد. فهو يتغذى على بقايا الكائنات الحية والنباتات، مما يساعد في تنظيف البيئة البحرية. كما يُعد فريسة أساسية للعديد من الحيوانات مثل الطيور والأسماك والأخطبوط. هذا التوازن يجعل من السلطعون عنصرا حيويا في النظام البيئي، ويساهم في استقراره واستمراريته.


السلوك والحياة الاجتماعية للسلطعون

يُظهر السلطعون مجموعة متنوعة من السلوكيات المثيرة للاهتمام، والتي غالبا ما تكون مرتبطة ببيئته وطريقة حياته. فسلوكه الاجتماعي يتراوح بين الانعزالية والتجمعات الكبيرة. وهناك العديد من الأنواع تكون منعزلة وتدافع عن منطقة صغيرة أو جحر، بينما أنواع أخرى مثل بعض سلطعونات الشاطئ قد توجد بكثافات عالية وتتفاعل مع بعضها البعض بشكل متكرر. بعض الأنواع مثل سلطعون الملك قد تشكل تجمعات أو أكوام كبيرة خلال فترات معينة.

تعتمد طرق البحث عن الطعام لدى السلطعون على استخدام مخالبه لالتقاط الفرائس أو جمع المواد العضوية، بالإضافة إلى حواسه لتحديد موقع الغذاء. العديد منها كائنات قمامة نشطة تبحث عن أي مصدر للطعام. بعض الأنواع المفترسة قد تنصب كمينا لفرائسها أو تطاردها بنشاط لمسافات قصيرة. أما سلوك الحفر والاختباء في الرمال أو الطين أو بين الصخور فهو شائع جدا للحماية من المفترسات أو لتجنب الجفاف أثناء انخفاض المد.

تهاجر بعض أنواع السلطعون بشكل ملحوظ. أشهر مثال هو الهجرة الجماعية السنوية لسلطعون جزيرة الكريسماس الأحمر، حيث يتحرك الملايين منها من الغابات إلى الساحل للتكاثر. أنواع أخرى قد تقوم بهجرات موسمية بين المياه العميقة والضحلة تبعا لدرجة الحرارة أو التكاثر. من عاداته اليومية الأخرى عملية الانسلاخ الدورية، وهي عملية ضرورية للنمو ولكنها تجعل السلطعون ضعيفا جدا ومعرضا للخطر حتى يتصلب هيكله الجديد. أما المشي الجانبي فهو السمة الحركية الأكثر شهرة للسلطعون.

يتواصل السلطعون مع أفراد نوعه باستخدام مجموعة من الإشارات البصرية والكيميائية واللمسية، وأحيانا الصوتية. طرق التواصل تشمل:

  1. الإشارات البصرية: تلويح المخالب يعتبر عرضا بصريا هاما للتزاوج وتحديد المناطق. أما وضعيات الجسم المختلفة فيمكن أن تشير إلى العدوانية أو الخضوع.
  2. الإشارات الكيميائية: تلعب الفيرومونات التي تطلق في الماء دورا في جذب الشريك وتحديد الاستعداد للتزاوج.
  3. اللمس: يحدث التلامس أثناء القتال بين الذكور، وأثناء التزاوج، وفي بعض التفاعلات الاجتماعية الأخرى.
  4. الأصوات: بعض أنواع السلطعون (مثل سلطعونات الشبح) يمكنها إصدار أصوات عن طريق نقر مخالبها على الأرض أو على درعها، وقد تستخدم هذه الأصوات للتواصل أو التحذير.

آلية الدفاع عند السلطعون

يعتمد السلطعون على مجموعة من الآليات الدفاعية لحماية نفسه من الأعداء. من أبرز وسائله الدفاعية قشرته الخارجية الصلبة التي تشكل درعا قويا ضد الهجمات. كما يستخدم مخالبه الحادة للدفاع عن نفسه وردع المفترسين. وإذا استشعر خطرا كبيرا، فإنه قد يختبئ بسرعة تحت الصخور أو في الجحور لتفادي المواجهة.


التكاثر ودورة حياة السلطعون

يبدأ موسم التكاثر غالبا عندما تكون الظروف البيئية مواتية. فغالبا ما يتنافس الذكور فيما بينهم لجذب الإناث أو الوصول إليهن، وقد يستخدمون مخالبهم الكبيرة في عروض التهديد أو القتال. تحدث عملية التزاوج عادة بعد فترة وجيزة من انسلاخ الأنثى، عندما يكون هيكلها الخارجي لا يزال لينا، مما يسمح بنقل الحيوانات المنوية من الذكر إلى الأنثى. يتم الإخصاب داخليا في معظم الأنواع.

بعد الإخصاب، تحمل الأنثى البيض المخصب ملتصقا بأهداب صغيرة موجودة على الجانب السفلي من بطنها المطوي. تشكل كتلة البيض هذه ما يشبه الإسفنجة أو عنقود العنب، ويمكن أن تحتوي على الآلاف أو حتى الملايين من البيوض حسب حجم ونوع السلطعون. تقوم الأنثى بحماية ورعاية هذه الكتلة البيضية، وتهويتها باستمرار لضمان وصول الأكسجين إليها، حتى يحين موعد الفقس. تستمر فترة حضانة البيض هذه من بضعة أسابيع إلى عدة أشهر.

عندما يفقس البيض، تخرج منه يرقات صغيرة جدا تسمى زويا. هذه اليرقات لا تشبه السلطعون البالغ على الإطلاق، فهي تسبح بحرية في عمود الماء كجزء من العوالق، وتكون غالبا شفافة وذات أشواك طويلة. تتغذى اليرقة وتنمو وتنسلخ عدة مرات، وتمر بمراحل يرقية مختلفة. المرحلة اليرقية الأخيرة قبل التحول تسمى ميغالوبا، وهي تشبه السلطعون الصغير ولكن لا يزال لديها بطن ممتد وتتكيف للسباحة والاستقرار في القاع.

في نهاية المطاف، تستقر يرقة الميغالوبا في قاع البحر أو الموئل المناسب وتخضع لعملية تحول لتصبح سلطعونا صغيرا يشبه البالغين. تنمو السلطعونات الصغيرة عن طريق الانسلاخ المتكرر لهيكلها الخارجي. ولا توجد رعاية أبوية للصغار بعد الفقس لدى معظم أنواع السلطعون. يعتمد عمر النضج ومتوسط العمر الإجمالي على النوع بشكل كبير، حيث تعيش الأنواع الصغيرة لمدة 1 إلى 3 سنوات، بينما يمكن للأنواع الكبيرة أن تعيش لعقود. لا يتم الاحتفاظ بمعظم أنواع السلطعونات في الأسر إلا لأغراض البحث أو العرض في الأحواض المائية الكبيرة.


أشهر أنواع السلطعون

يوجد تنوع هائل يقدر بحوالي 7000 نوع معروف من السلطعونات الحقيقية في العالم، بالإضافة إلى مجموعات أخرى تشبه السلطعون (مثل سلطعون الملك والسلطعون الناسك). تتفاوت هذه الأنواع بشكل كبير في الحجم والشكل والموئل. فيما يلي بعض أشهر أنواع السلطعون وأكثرها تميزا:

  • السلطعون الأزرق: سلطعون سابح مهم اقتصاديا وبيئيا يوجد على طول الساحل الأطلسي للأمريكتين. يشتهر بلونه الأزرق ولحمه اللذيذ.
  • سلطعون دانجنيس: سلطعون كبير ولذيذ يوجد على الساحل الغربي لأمريكا الشمالية، ويدعم مصايد أسماك تجارية هامة.
  • السلطعون الأخضر الأوروبي: نوع متوسط الحجم يوجد بشكل طبيعي في شمال شرق المحيط الأطلسي، ولكنه أصبح من أكثر الأنواع البحرية الغازية ضررا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سواحل أمريكا الشمالية وأستراليا وجنوب أفريقيا.
  • سلطعون الكمان: مجموعة من السلطعونات الصغيرة التي تعيش في مناطق المد والجزر الطينية والرملية. يتميز الذكر بامتلاكه مخلبا واحدا ضخما جدا وملونا يستخدمه في التلويح لجذب الإناث وتحديد المناطق.
  • سلطعون الشبح: سلطعونات سريعة جدا تعيش على الشواطئ الرملية الاستوائية وشبه الاستوائية، وتحفر جحورا عميقة. غالبا ما تكون شاحبة اللون وتنشط ليلا.
  • السلطعون العنكبوتي الياباني: أكبر مفصليات الأرجل الحية في العالم، يوجد في المياه العميقة قبالة سواحل اليابان. يمكن أن يصل امتداد أرجله إلى 3.7 متر.
  • سلطعون الملك الأحمر: يوجد في شمال المحيط الهادئ. هو في الواقع ليس سلطعونا حقيقيا ولكنه يشبه السلطعون وله قيمة تجارية عالية جدا.
  • السلطعون الناسك: مجموعة أخرى من عشاريات الأرجل الشبيهة بالسلطعون ولكنها ليست سلطعونات حقيقية. تتميز ببطنها اللين وغير المحمي، وتعيش داخل أصداف الحلزونات البحرية الفارغة لحماية نفسها.
  • السلطعون الشاطئي الشائع: اسم عام لأنواع مختلفة من السلطعونات الصغيرة إلى المتوسطة الحجم التي توجد بكثرة في مناطق المد والجزر الصخرية والرملية.
  • سلطعونات المياه العذبة: مجموعة متنوعة من السلطعونات التي تكيفت للعيش بشكل دائم في الأنهار والبحيرات والمستنقعات في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية.

ملحوظة: هذا التنوع الهائل في أشكال وأحجام وأنماط حياة السلطعون يجعله مجموعة رائعة للدراسة ويعكس نجاحه الكبير في استيطان مجموعة واسعة من البيئات المائية والبرية حول العالم.


المخاطر والتهديدات التي تواجه السلطعون

تواجه العديد من مجموعات السلطعون حول العالم، خاصة تلك ذات الأهمية التجارية أو التي تعيش في موائل حساسة، مجموعة من التهديدات التي يمكن أن تؤثر على وفرتها واستدامتها.

  1. الصيد الجائر والاستغلال المفرط: العديد من أنواع السلطعون الكبيرة وذات القيمة الاقتصادية تتعرض لضغط صيد تجاري مكثف. إذا لم تتم إدارة هذه المصايد بشكل مستدام، يمكن أن يؤدي ذلك إلى استنزاف المخزون وانهيار المصايد.
  2. فقدان وتدهور الموائل: تدمير وتدهور الموائل الساحلية الحيوية مثل غابات المانغروف، ومروج الأعشاب البحرية، والشعاب المرجانية، ومصبات الأنهار بسبب التنمية الساحلية، والتلوث، واستصلاح الأراضي، يؤثر سلبا على العديد من أنواع السلطعون التي تعتمد على هذه البيئات للتكاثر والحضانة والغذاء.
  3. التلوث البحري والساحلي: الملوثات الكيميائية (مثل المبيدات، والمعادن الثقيلة، والمواد النفطية)، والمخلفات البلاستيكية، وزيادة المغذيات يمكن أن تضر بالسلطعون ويرقاته بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق تلويث بيئتها أو غذائها.
  4. تغير المناخ وتحمض المحيطات: ارتفاع درجة حرارة المياه يمكن أن يؤثر على توزيع السلطعون وتوقيت تكاثره ونمو يرقاته. أيضا تحمض المحيطات يمكن أن يجعل من الصعب على السلطعون والقشريات الأخرى بناء هياكلها الخارجية من كربونات الكالسيوم، ويؤثر على المراحل اليرقية الحساسة.
  5. الأنواع الغازية: يمكن للأنواع غير المحلية من السلطعون (مثل السلطعون الأخضر الأوروبي) التي تنتشر في مناطق جديدة أن تنافس الأنواع المحلية على الموارد، أو تفترسها، أو تنقل أمراضا جديدة، مما يؤثر سلبا على التنوع البيولوجي المحلي.
  6. الصيد العرضي: يتم صيد أعداد كبيرة من السلطعون كصيد عرضي غير مقصود في معدات الصيد التي تستهدف أنواعا أخرى مثل الأسماك أو الجمبري.
  7. الأمراض: يمكن أن تتأثر مجموعات السلطعون بتفشي الأمراض البكتيرية أو الفيروسية أو الطفيلية، خاصة عندما تكون الكثافة عالية أو تكون الحيوانات تحت ضغط بيئي.

ملحوظة: تتطلب معالجة هذه التهديدات المتعددة نهجا متكاملا يركز على الإدارة المستدامة للمصايد، وحماية الموائل الحيوية، والحد من التلوث، ومكافحة تغير المناخ، وإدارة الأنواع الغازية.

هل السلطعون مهدد بالانقراض؟

يعتمد وضع الحفاظ على السلطعون بشكل كبير جدا على النوع المحدد والمجموعة السكانية. العديد من الأنواع الشائعة وواسعة الانتشار أو تلك التي تدعم مصايد كبيرة مدارة بشكل جيد ليست مدرجة حاليا كمهددة بالانقراض وقد تصنف (كأقل قلق) أو (نقص في البيانات) من قبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN). ومع ذلك، هناك أنواع أخرى، خاصة تلك ذات النطاق المحدود، أو التي تعيش في موائل مهددة، أو التي تعرضت لصيد جائر شديد في الماضي، قد تكون مصنفة ضمن فئات التهديد مثل (معرضة للخطر) أو (مهددة بالانقراض). يتطلب الأمر تقييما دقيقا لكل نوع على حدة ومراقبة مستمرة لحالة المخزونات والموائل.

أعداء السلطعون الطبيعيون

يواجه السلطعون عددا من الأعداء الطبيعيين في بيئته البحرية والبرية. من أبرز هذه الأعداء الطيور البحرية كالنورس، والأسماك الكبيرة مثل الهامور، بالإضافة إلى الأخطبوط والفقمة. كما تشكل بعض الثدييات البرمائية تهديدا له عند خروجه للشاطئ. وعلى الرغم من قشرته الصلبة، إلا أن هذه الحيوانات قادرة على التغلب عليه بفضل قوتها ومهاراتها في الصيد.


طرق الحماية والمحافظة على السلطعون

تتركز جهود حماية السلطعون بشكل أساسي على ضمان استدامة المجموعات التي يتم استغلالها تجاريا والحفاظ على الموائل التي تعتمد عليها هي والأنواع الأخرى الأقل شهرة. تشمل هذه الجهود ما يلي:

  • تطبيق لوائح إدارة مصايد الأسماك: وضع وتنفيذ لوائح صارمة تعتمد على العلم لتنظيم صيد السلطعون التجاري والترفيهي. يشمل ذلك تحديد أحجام دنيا للحصاد، وحماية الإناث التي تحمل البيض، وتحديد حصص للصيد، ومواسم إغلاق للسماح بالتكاثر، وتقييد أنواع معدات الصيد المسموح بها.
  • حماية الموائل الساحلية والبحرية الحيوية: إنشاء مناطق محمية بحرية تحظر أو تقيد الأنشطة الضارة في المناطق الهامة لتكاثر وحضانة ونمو السلطعون، مثل مصبات الأنهار، وغابات المانغروف، ومروج الأعشاب البحرية، والشعاب المرجانية. إضافة لاستعادة الموائل المتدهورة.
  • الحد من التلوث: تحسين إدارة مياه الصرف الصحي والمخلفات الصناعية والزراعية لمنع وصول الملوثات إلى المياه الساحلية والبحرية. ومكافحة التلوث البلاستيكي الذي يمكن أن يضر بالسلطعون ويرقاته.
  • تقليل الصيد العرضي: تطوير واستخدام تقنيات ومعدات صيد تقلل من الصيد العرضي غير المقصود للسلطعون في المصايد الأخرى، مثل استخدام أجهزة استبعاد في شباك الجر.
  • مراقبة وإدارة الأنواع الغازية: مراقبة انتشار أنواع السلطعون الغازية وتطوير استراتيجيات للسيطرة عليها للحد من تأثيرها السلبي على الأنواع المحلية والنظم البيئية.
  • البحث العلمي والمراقبة المستمرة: إجراء أبحاث لفهم دورة حياة وبيولوجيا واحتياجات أنواع السلطعون المختلفة بشكل أفضل. ومراقبة حالة المخزونات السمكية والموائل لتقييم تأثيرات الصيد والتغيرات البيئية وتوجيه قرارات الإدارة.
  • التكيف مع تغير المناخ: فهم كيفية تأثير تغير المناخ وتحمض المحيطات على السلطعون وتطوير استراتيجيات إدارة تأخذ هذه التأثيرات في الاعتبار على المدى الطويل.

ملحوظة: يتطلب الحفاظ الناجح على السلطعون وموارده نهجا تعاونيا يشمل الصيادين، والعلماء، ومديري المصايد، وصناع السياسات، والجمهور، مع التركيز على الاستدامة طويلة الأمد للنظم البيئية البحرية والساحلية.


الأهمية البيئية والاقتصادية للسلطعون

يلعب السلطعون أدوارا متعددة وحيوية في النظم البيئية البحرية والساحلية، كما أن له أهمية اقتصادية كبيرة جدا للإنسان في جميع أنحاء العالم.

الأهمية البيئية:

  1. جزء أساسي من الشبكة الغذائية: يعمل السلطعون كحلقة وصل هامة في السلسلة الغذائية؛ فهو يستهلك مجموعة واسعة من المواد (الطحالب، المواد المتحللة، اللافقاريات الأخرى)، وفي المقابل يشكل مصدر غذاء حيوي للعديد من الأسماك الكبيرة، والأخطبوط، والطيور البحرية، والثدييات البحرية (مثل قضاعة البحر والفقمة)، وحتى السلاحف البحرية.
  2. تنظيف البيئة: تساهم العديد من أنواع السلطعون ككائنات قمامة ومحللة في تنظيف قاع البحر والشواطئ عن طريق استهلاك جثث الحيوانات الميتة والمواد العضوية المتحللة، مما يساعد في إعادة تدوير المغذيات.
  3. هندسة النظام البيئي: نشاط الحفر الذي تقوم به بعض أنواع السلطعون (مثل سلطعون الكمان وسلطعون الشبح) يساعد في تهوية الرواسب وتغيير بنيتها الفيزيائية والكيميائية، مما يؤثر على الكائنات الأخرى التي تعيش في نفس الموئل.
  4. علاقات تكافلية: تدخل بعض أنواع السلطعون (مثل سلطعونات التزيين) في علاقات تكافلية مع كائنات أخرى مثل شقائق النعمان أو الإسفنج، حيث تحملها على درعها للحماية أو التمويه.

الأهمية الاقتصادية:

  1. مصايد الأسماك التجارية: تشكل مصايد السلطعون صناعة عالمية بمليارات الدولارات، حيث يتم صيد أنواع مثل السلطعون الأزرق، وسلطعون دانجنيس، وسلطعون الثلج، وسلطعون الملك بكميات كبيرة لأسواق المأكولات البحرية حول العالم.
  2. تربية الأحياء المائية: يتم تربية بعض أنواع السلطعون (مثل سلطعون الطين أو المانغروف في آسيا) في مزارع مائية لتلبية الطلب المتزايد.
  3. الصيد الترفيهي: يعتبر صيد السلطعون نشاطا ترفيهيا شائعا في العديد من المناطق الساحلية، ويساهم في دعم السياحة المحلية.
  4. مصدر غذائي: يعتبر لحم السلطعون مصدرا غنيا بالبروتين والمعادن والفيتامينات، ويحظى بشعبية كبيرة في العديد من المطابخ العالمية.
  5. استخدامات أخرى: تستخدم قشور السلطعون كمصدر للكيتين والشيتوزان، وهي مواد لها تطبيقات في الطب والزراعة والصناعة.

ملحوظة: تجمع السلطعون بين الأهمية البيئية الكبيرة كعنصر أساسي في النظم البيئية البحرية والساحلية، والأهمية الاقتصادية الهائلة كمورد غذائي وصناعي، مما يجعل إدارته المستدامة أمرا حيويا للحفاظ على كلا الجانبين.


السلطعون في الثقافة الشعبية والأساطير

لعب السلطعون دورا بارزا في العديد من الثقافات الشعبية والأساطير حول العالم، حيث ارتبط بالشجاعة والمرونة في وجه المصاعب. ففي الميثولوجيا اليونانية، ظهر السلطعون كحليف لهيرا، وأُرسل لمساعدة الوحش هيدرا ضد هرقل، فتم تخليده ككوكبة السرطان في السماء. كما يرمز السلطعون في بعض الثقافات الآسيوية إلى التحول والدورات الطبيعية بسبب نمط حياته الذي يشمل تبديل القشرة بشكل دوري.

في الفنون الشعبية، يظهر السلطعون أحيانا ككائن ماكر وذكي بسبب مشيته الجانبية غير المعتادة، مما أكسبه رمزية مميزة في القصص والمثل الشعبية. أما في الفلكلور البحري، فغالبا ما يُقدَّم كحارس للشواطئ أو كائن غامض يسكن أعماق البحر، تُنسج حوله الحكايات والأساطير. حتى في الثقافة الحديثة، تجسّد أفلام الكرتون والرموز التجارية شخصية السلطعون بأسلوب فكاهي أو دفاعي يعكس طبيعته.


العلاقة بين السلطعون والانسان

للسلطعون علاقة قديمة ومتنوعة بالإنسان، تمتد من جوانب اقتصادية إلى ثقافية وغذائية. يُعد السلطعون مصدرا غذائيا مهما في كثير من الثقافات الساحلية، حيث يُستهلك مطهوا بطرق مختلفة لما يتمتع به من لحم غني بالبروتين وطعم مميز. كما أن صيده يشكل مصدر دخل للعديد من المجتمعات التي تعتمد على مصائد الكائنات البحرية. وتُستخدم بعض أنواعه أيضا في الدراسات العلمية المتعلقة بالتلوث والبيئة البحرية.

من جهة أخرى، يمكن أن تكون العلاقة بين السلطعون والإنسان سلبية في بعض الأحيان، خصوصا عند تكاثره المفرط في موانئ الصيد أو أحواض السمك. بعض الأنواع الغازية من السلطعونات تسببت في تهديد التنوع البيولوجي المحلي، مما أثار قلق علماء البيئة. إضافة إلى ذلك، قد يسبب وجود السلطعون في بعض الشواطئ إزعاجا للسياح أو السكان، خاصة إذا كان من الأنواع العدائية أو السامة. ومع ذلك، يظل السلطعون عنصرا مهما في التوازن البيئي والاقتصادي.


ما فوائد السلطعون؟

يُعتبر السلطعون من الكائنات البحرية المفيدة، ويقدم العديد من الفوائد الصحية والغذائية للإنسان. فيما يلي أبرز فوائده:

  • غني بالبروتينات: يحتوي لحم السلطعون على نسبة عالية من البروتين الضروري لبناء العضلات وتعزيز الصحة العامة.
  • قليل الدهون: يتميز بانخفاض نسبة الدهون المشبعة، مما يجعله خيارا صحيا لمن يتبعون نظاما غذائيا متوازنا.
  • مصدر للفيتامينات والمعادن: يوفّر الفيتامين B12، الزنك، السيلينيوم، والحديد، والتي تعزز وظائف الجسم المختلفة.
  • يدعم صحة القلب: بفضل احتوائه على أحماض أوميغا-3، يساهم في تقليل الكولسترول الضار وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
  • يعزز المناعة: المعادن الموجودة فيه تقوي الجهاز المناعي وتساعد في محاربة الأمراض.

ملحوظة: يُنصح بتناول السلطعون باعتدال، خاصة لمن يعانون من الحساسية أو ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم.


ما هي أضرار السلطعون؟

رغم فوائد السلطعون العديدة، إلا أن تناوله قد يسبب بعض الأضرار في ظروف معينة، ومنها:

  1. الحساسية: بعض الأشخاص قد يعانون من حساسية تجاه القشريات، ما يؤدي إلى طفح جلدي أو صعوبة في التنفس.
  2. ارتفاع نسبة الصوديوم: يحتوي على كمية كبيرة من الصوديوم، ما قد يضر مرضى الضغط المرتفع.
  3. احتمالية التلوث: إذا تم صيده من مياه ملوثة أو لم يُطهى جيدا، فقد ينقل بكتيريا أو معادن ثقيلة خطرة على الصحة.
  4. ارتفاع الكوليسترول: يحتوي على نسبة من الكوليسترول قد لا تكون مناسبة لمن لديهم مشاكل قلبية.
  5. صعوبة الهضم: بعض الأشخاص قد يواجهون مشاكل في هضمه خاصة إذا تناولوه بكميات كبيرة أو بطريقة مقلية.

ملحوظة: من الأفضل تناول السلطعون من مصادر موثوقة وبكميات معتدلة، خصوصا لمن يعانون من مشاكل صحية مزمنة.


ما هو الفرق بين السلطعون والكابوريا؟

يتساءل الكثيرون: ما هو الفرق بين السلطعون والكابوريا؟ رغم التشابه الظاهري بينهما، إلا أن هناك اختلافات دقيقة في الشكل، والسلوك، وبيئة العيش، وحتى الطهو. يساعدك هذا الجدول على فهم الفروقات الأساسية بين هذين الكائنين البحريين اللذيذين.

وجه المقارنة السلطعون الكابوريا
الاسم العلمي Brachyura Portunidae
الشكل الخارجي جسم مستدير وسميك مع مخالب قصيرة جسم أعرض وأرق مع مخالب طويلة
البيئة يعيش في المياه الضحلة والصخرية يفضّل المياه الرملية والساحلية
الطهي والاستخدام يستخدم غالبا في الحساء أو المشوي يُطهى عادة بالبخار ويُقدَّم كطبق رئيسي
الطعم نكهته قوية ومميزة طري ومائل للحلاوة

ملحوظة: كلمة كابوريا تُستخدم أحيانا للإشارة إلى السلطعون عموما في بعض اللهجات، لكن من الناحية البيولوجية هناك فروق تصنيفية واضحة بينهما. لذا من الأفضل التمييز بين المصطلحين عند الحديث العلمي أو الطهي.


هل السلطعون سام؟

السلطعون ليس حيوانا ساما في طبيعته، بل يُعد من الكائنات البحرية الآمنة للاستهلاك البشري. ومع ذلك، قد يحتوي بعض أنواع السلطعون على سموم إذا تغذى على طحالب سامة أو في بيئات ملوثة، مما يجعله غير صالح للأكل. لذلك، من الضروري التأكد من مصدر السلطعون ونظافته قبل الطهي أو التناول. هذه الخطوة تضمن سلامتك وتمنحك وجبة بحرية لذيذة وآمنة في آنٍ واحد.


هل قرصة السلطعون مضرة؟

قرصة السلطعون ليست سامة، لكنها قد تكون مؤلمة بسبب قوة مخالبه وحدة قبضته. في العادة، لا تُسبب القرصة ضررا دائما، إلا إذا أصابت منطقة حساسة أو سببت جرحا عميقا. من المهم تنظيف موضع الإصابة وتعقيمه لتفادي العدوى البكتيرية. وعند ملاحظة أي تورم أو ألم مستمر، يُنصح بمراجعة الطبيب للاطمئنان.


لماذا يتم طبخ السلطعون وهو حي؟

تُطبخ السلطعونات وهي حية غالبا لأسباب تتعلق بالسلامة الغذائية، إذ إن لحومها تبدأ في التحلل سريعا بعد الموت، مما قد يؤدي إلى نمو البكتيريا وإنتاج السموم. الطهي المباشر يساعد في الحفاظ على نضارة اللحم وجودته، ويقلل من خطر التسمم الغذائي. هذا الأمر شائع في المطاعم والمطابخ التي تعتمد على المأكولات البحرية الطازجة.

من جهة أخرى، يرى بعض الطهاة أن طهي السلطعون حيا يمنحه نكهة أكثر غِنى وقواما أفضل. كما أن موته قبل الطهي قد يؤدي إلى تقلص أعضائه الداخلية بطريقة تؤثر سلبا على الطعم والمظهر. ومع ذلك، فإن هذه الممارسة أثارت جدلا أخلاقيا حول الرفق بالحيوان، ودعت بعض الدول إلى حظرها أو استبدالها بطرق قتل أكثر رحمة.


معلومات عامة عن السلطعون

استمتع بهذه الحقائق المدهشة والفريدة عن عالم السلطعون:

  • يمشي بشكل جانبي: تسمح له مفاصل أرجله بالحركة بشكل أسرع وأكثر كفاءة عند المشي جانبيا بدلا من الأمام أو الخلف.
  • يخلع هيكله لينمو: يخرج السلطعون بالكامل من هيكله القديم وينتفخ بالماء لينمو هيكلا جديدا أكبر حجما، ويكون لينًا جدا وضعيفا بعد الانسلاخ مباشرة.
  • يمكنه تجديد أطرافه المفقودة: إذا فقد السلطعون مخلبا أو رجلا، يمكنه تجديده بالكامل خلال عمليات الانسلاخ اللاحقة.
  • الأنثى تحمل بيضها تحت بطنها: تحمل كتلة البيض (مئات الآلاف أو الملايين) تحت بطنها المطوي لعدة أسابيع أو أشهر حتى يفقس.
  • بعضها يزين نفسه للتمويه: سلطعونات التزيين تلتقط قطعا من الإسفنج أو الطحالب أو شقائق النعمان وتثبتها على درعها باستخدام إفرازات خاصة أو شعيرات خطافية للاندماج مع محيطها.
  • السلطعون العنكبوتي الياباني هو الأكبر: يمكن أن يصل امتداد أرجله إلى 3.7 متر ووزنه إلى 19 كجم ويعيش لعمر طويل جدا.
  • بعضها يعيش داخل كائنات أخرى: سلطعون البازلاء الصغير يعيش بشكل متكافل داخل أصداف المحار أو بلح البحر أو قنافذ البحر.
  • دمه أزرق اللون: مثل العديد من القشريات والرخويات، دم السلطعون يحتوي على الهيموسيانين الذي يحتوي على النحاس، مما يعطيه لونا أزرقا باهتا عند تأكسده.
  • تهاجر للمحيط للتكاثر: تتحرك ملايين السلطعونات الحمراء من الغابات إلى البحر في هجرة جماعية مذهلة لوضع بيضها.
  • لا يستطيع السباحة: معظم السلطعونات تمشي على القاع. الاستثناءات تشمل السلطعونات السابحة (مثل السلطعون الأزرق) التي لديها أرجل خلفية متحورة على شكل مجاديف.
  • يمكن أن يكون عدوانيا جدا: تدافع العديد من أنواع السلطعون عن مناطقها أو مواردها بقوة باستخدام مخالبها.
  • سلطعون جوز الهند هو أكبر مفصليات اليابسة: هو نوع من السلطعونات الناسكة (وليس سلطعونا حقيقيا) تكيّف تماما للحياة على اليابسة ويمكنه تسلق أشجار جوز الهند وكسر ثمارها بمخالبه القوية.
  • يمكن أن يُغمى عليه من الحرارة: إذا تعرض لحرارة شديدة على الشاطئ أثناء انخفاض المد، قد يدخل في حالة تشبه الإغماء الحراري.
  • يستخدم النجوم للملاحة: تشير بعض الدراسات إلى أن بعض أنواع السلطعون التي تتحرك على الشاطئ قد تستخدم أنماط الضوء المستقطب من السماء (المرتبط بموقع الشمس أو القمر) للتنقل.
  • تستخدمها الطيور كسندان: تقوم بعض الطيور البحرية بإلقاء السلطعون من ارتفاع على الصخور لكسر درعه والوصول إلى لحمه.
  • أحجام الذكور والإناث تختلف: في العديد من الأنواع، تكون الذكور أكبر حجما ولديها مخالب أكبر من الإناث.
  • لا يزال هناك آلاف الأنواع غير المكتشفة ربما: يُعتقد أن التنوع الحقيقي للسلطعونات، خاصة في أعماق البحار والمناطق الاستوائية، قد يكون أكبر بكثير مما هو معروف حاليا.


خاتمة: في ختام هذه الجولة في عالم السلطعون المدهش، نكتشف أن هذه القشريات المدرعة هي أكثر بكثير من مجرد كائن يسير جانبيا على الشاطئ. بفضل تنوعها الهائل، وتكيفاتها الفريدة مع مختلف البيئات المائية والبرية، ودورها الحيوي في شبكات الغذاء وعمليات إعادة التدوير البيئي، وأهميتها الاقتصادية الكبيرة كمصدر للغذاء والدخل، يثبت السلطعون أنه لاعب أساسي في محيطاتنا وسواحلنا. إن التحديات التي تواجهها، من الصيد الجائر إلى تغير المناخ، تستدعي إدارة حكيمة وجهودا مستمرة للحفاظ على هذا التنوع الثري وهذا المورد القيم للأجيال القادمة.


المصادر والمراجع:

المصدر الأول: Wikipedia

المصدر الثاني: Britannica

المصدر الثالث: Nationalgeographic


تعليقات